في طوى السؤدد، فأخلع نعلكا ... وادعه يأت بكبرى يوشع
وكان أكثر ما أتى به من شعره حسن التعليل، على أن كل المحسنات التي أتى بها قليلة، فهو غير مغرم بها، ولا ملزم نفسه كغيره السير على منهاجها.
٣
شعر المحيوي ينضوي تحت لواء واحد وفن واحد من فنون الشعر الغنائي، هو المدح، فهو الغرض الأول في شعره، يقصد إليهقصداً ويلم بغيره عرضاً من غير قصد، يبدأ به قصيدة المدح أو يختم به الموشح، وكان ما أتى به عرضاً يدخل في الوصف أو في الغزل، ولنقف وقفات قصيرة لدى كل غرض من هذه الأغراض التي طرقها واصفين ودارسين.
أول ما نلمسه في شعره المدحي أنه قد خلا من الغزل في أوله حينما يمدح سلطاناً من سلاطين الدولة الأيوبية، بينما هو يبدؤه بالغزل عندما يمدح ولي نعمته محي الدين بن سعيد أو غيره من الوزراء، فأي شيء تستطيع استنباطه من تلك الملاحظة؟ وعلى أي شيء تدل؟ لقد قلبنا الأمر على وجوهه، ثم خرجنا بنتيجة قد تكون قريبة من الصواب: تلك هي أن هؤلاء السلاطين لم تكن عنايتهم موجهة للغواني والحب والغرام حتى يأسرهم الحديث عن الحب ويسترعي انتباههم، وإنما كان كل همهم موجهاً إلى الحرب والقتال، وقهر الأعداء، ورد العادين من المغيرين على دولتهم، فقد كانوا كما قال أيدمر في أحدهم:
متفرغ للمجد، لا هو من دد ... يلهيه عن كرم ولا منه دد
البيض من صنع القيون لدى الوغى ... يطربنه، لا البيض مما يولد
والأسمر الخطار يبهج نفسه ... ويسرها لا الأسمر المتأود