للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا كانت عنايتهم متجهة نحو ميادين الحروب فماله يشغل نفسه بشيء لا يملك عليهم نفوسهم، ولا يأسرها؛ حقاً لقد كانت لهم مواطن لهو ولذة، ولكنها لذة العظمة وأبهة الملك

كذلك يسترعي نظرك في شعره كثرة مدحه لسلاطين هذا العصر بذبهم عن حياض الدين وحياطته بسياج من العزة والمهابة فهو يقول للملك الصالح:

ملك يلوذ الدين منه بمعقل ... أشب، سطاه سوره والخندق

فالدين بعد تفرق متجمع ... والكفر بعد تجمع متفرق

ويقول له:

فأسلم لدين قد هديت إليه من ... لا يهتدي، وجمعت ما لا يجمع

وحميت حوذته، فأصبح وهو في ... أيام دولتك الأعز الأمنع

ويقول للملك الكامل:

فالله يشهد أن دين محمد ... بمحمد، وله الخليفة تشهد

ويقول له:

لولاه كان الدين سرحاً ما له ... راع، وزنداً ما عليه سوار

وذلك نتيجة طبيعية لهذا العصر الذي صبغ بالصبغة الدينية وكان القتال يدور فبه باسم الدين، فليكن الشعر كذلك مصبوغاً بهذه الصبغة، مثنياً على السلاطين لأنهم خدموا الدين وقاموا على صيانته.

تلمس في شعره المدحي كذلك قوة ملوك مصر في هذا العصر حتى لكثيراً ما يسميهم ملوك الملوك وكثيراً ما تسمعه يقول لهم:

من ألقت الدنيا مقالد أمرها ... بيديه وهو بها أحق وأليق

ذو صورة تنبيك عنه أنه ... ملك الملوك الحق حين يحقق

إلى أن قال:

فجلست حيث جلست منه تزينه ... شرفاً فطاف بك الملوك وأحدقوا

كل يغض من المهابة طرفه ... فتراه، وهو لغير فكر يطرق

هيهات جزت مدى الملوك إلى مدى ... رجم الظنون إليهلا يتطرق

ويقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>