صناعة الكتابة ظفرت به وعثرت فيه على ضوال منشودة، وهو كتاب يشتمل على سبع منازل، وكل منزلة منها تحتوي على أبواب مختلفة ضمنها خصائص الكتاب والبلغاء:(وقال ابن الجوزي في المنتظم في حوادث سنة ٣٣٧ بمناسبة موت قدامة ما نصه: (وله كتاب حسن في الخراج وصناعة الكتابة).
ويتضح من كل ذلك أنه كان لقدامة كتاب على منوال كتابنا، وأن هذا الكتاب يسمى (الخراج وصناعة الكتابة) وأنه كان على تسع منازل أو سبع منزل وفي كل منزلة أبواب. وهذا الوصف لا يتفق مع تبويب كتاب (البرهان) أو (نقد النثر) إذ أنه على أربعة أبواب تناولت كل ما قصد المؤلف كتابته عن الخراج وصناعة الكتابة؛ وفضلا عن هذا فنحن إذا قارنا الجزء المطبوع من كتاب قدامة الخاص بالخراج ألفيناه مختلفا عن القسم الخاص بالخراج في كتابنا (البرهان) والنتيجة البديهية هي أن قدامة وأبا الحسين كتب كل منهما كتابا في الموضوع ولكن كلا منهما سلك مسلكه الخاص في علاج الموضوع.
ثالثا - وقد رجح دي غوبه في مقدمته الفرنسية لكتاب الخراج المستخرج من كتاب قدامة في صناعة الكتابة أن قدامة ألف كتابه هذا بعد سنة ٣١٦ بقليل، وذلك أن قدامة تحدث في أثناء كتابه عن مليح الأرمني على انه معاصر له، ويشير أيضا إلى إغارة أسفار الديلمي على قزوين في سنة ٣١٦، وإلى الشنائع التي جرت على يد مرداونج وأتباعه في السنين التالية كحوادث قريبة الوقوع. ونحن نعلم مما يقوله أبو حيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة (ج٣ ص١٤٥ - ١٤٦) أن قدامة عرض كتابه هذا سنة ٣٢٠ على علي بن عيسى حيث يقول (وما رأيت أحدا تناهى في وصف النثر بجميع ما فيه وعليه غير قدامة بن جعفرفي المنزلة الثالثة من كتابه. قال لنا علي بن عيسى الوزير عرض علي قدامة كتابه سنة ٣٢٠ واختبرته فوجدته بالغ وأحسن وتفرد في وصف فنون البلاغة في المنزلة الثالثة بما لم يشاركه فيه أحد من طريق اللفظ والمعنى). فهذا الكتاب قد تم الفراغ من تأليفه قبل سنة ٣٢٠ قطعا. أما كتاب (البرهان) فلم يكن موجودا في هذا الوقت ولنا على هذا ثلاثة أدلة.
أ - يقول أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم في البرهان:(وقد رأيت شيخنا علي بن عيسى رحمه الله يكاتب أم المقتدر) وإشارة أبي الحسين في كتابه إلى وفاة علي بن عيسى تدل