فأجاب رجل ممشوق القامة أشيب الشعر وقد اقترب من ميشكا - أنه جف في الشمس، وسيلتصق شعره، وسيموت.
وظل الهر يموء فيثير بذلك شفقة السجناء؛ وسأل الصبي قائلا - أيموت؟ إلا نستطيع أن نغسله؟ فلم يفه أحدهم بكلمة. كان الهر قد ارتمى تحت أقدامهم عاجزا عن التحرك. وتهالك نوتش على الأرض وهو يقول (لقد غرقت عرقا!)، فلم يأبه أحد. وانحنى الصبي على الهر وأخذه بين ذراعيه. ولكنه سرعان ما أن لاقاه على الأرض وهو يقول - إنه ساخن جدا. ثم نظر إلى رفاقه وقال في حزن - مسكين يا ميشكا! لن يكون هناك ميشكا بعد اليوم. لماذا تودون قتل ذلك المسكين؟
فقال ذو اللحية الحمراء - لعله يتغلب على الموت.
وواصل الهر زحفه على الحشائش تراقبه أعين عشرون. ولم يبد على وجوه القوم أي أثر لابتسامه. كانوا جميعا صامتين واجمين في حزن كأنما اتصلت بهم آلام الهر وشعروا بما يشعر به من عذاب. وقال الصبي - لا أظنه يتغلب على الموت. هالك ميشكا الذي كنا نحبه. لماذا تعذبونه؟ أنه لمن الأفضل وضع حد لآلامه.
فقال السجين ذو الشعر الأحمر غاضبا - ومن الذي فعل ذلك؟ أنه ذلك المهرج. ذلك الشيطان. فقال نوتش محاولا أن يهدئ من ثائرتهم - ألم نشترك سوية في ذلك الفعل؟ ثم احتضن نفسه كأنه يشعر بالبرد.
فقال الصبي - كلنا! عظيم جدا! إنك وحدك الملوم.
فحذره نوتش قائلا - لا تهدر أيها الثور!
والتقط السجين الكهل الهر وجعل يتفحصه جيدا ثم اقترح قائلا - ألا نستطيع إزالة هذا الطلاء إذا ما جعلناه الهر يستحم في البترول؟
فقال نوتش وهو يتكلف الابتسام - خذه من ذيله واقذف به من فوق الحائط. أن ذلك أبسط حل للمشكلة. فزمجر ذو الشعر الأحمر قائلا - ماذا؟ لنفرض أني قذفت بك أنت فوق الحائط، أيعجبك ذلك؟ وصاح الصبي - أيها الشيطان.