للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتعثر فوقها، وعرته دهشة بالغة، ثم تراجع وهو يحاول أن يستعيد رباطة جأشه وقد أغمض عينيه كان رجلاً بديناً في الحلقة الرابعة من العمر، يرتدي زي الكتبة، وقد أمسك بمظلة.

وتمتم قائلاً في صوت خال من الغضب - ما الذي تفعلينه هنا؟ فلم تجبه وابتدأ القلق يساوره، وغاض الدم من وجهه، وارتجفت اليدان وهما تقبضان على المظلة. ثم اكتسحه شعور من الضعة لا نهائي وإحساس بالاحتقار لا حد له. ووقف دون حراك بجوا المدخل. كان الضوء يسقط عليه من الخارج، فلم تستطع تمييز ملامحه. وظهر لها كأنه شبح بدين يحمل مظلة. ثم ردد في صوت خافت وكأنه يتحدث إلى طفل - ما الذي تفعلينه هنا؟ فلم تجب. لا بد أنها مكثت هنا ساعات. وهز كتفيه. إذن لا توجد نهاية لذلك. وجعل يفكر في شجارهما هذا الصباح، ويلوم نفسه. . . ولكنه كان يأمل.

- أتعتزمين البقاء هنا؟ فلم تجب. وكانت لهجته تنذر بانفجار بركان غضبه. وكان يلاحظ ما يختلج في نفسه من عواطف ثائرة، ويعرف أن غضبه ينهكه، فقال - هيا. . . دعينا نصعد إنه أنه لغباء. . .

وولدت كلمة (الغباء) في عينيه نظرة من الشراسة. وتنهد في حزن وقال: (يا لها ن حياة! كل ذلك لأجل ماذا؟) وجعل يتفحصها بنظراته بإمعان. وكأنما عزم أن يعمل ما في وسعه ليحل المشكلة فهز رأسه يمنة ويسرة ثم قال - حسن. . . ماذا؟ ما الأمر؟ ولم يكن هذا ما يود أن يقوله، ومع ذلك سيان عنده أقال ما قاله أو تفوه بشيء خلافه. وابتدأ يصعد الدرج. ولكنه سرعان ما استدار فجأة وصاح في صوت جفلت منه: (والطفلة؟) وانحنى فوقها، وشعرت بأنفاسه تهب على شعرها. الطفلة؟! لم تكن قد أعارتها أدنى اهتمام. أن نسيانها الطفلة كان ولا شك جزءاً من انتقامها. ومع ذلك شعرت بالقلق يستحوذ عليها.

- ما الذي فعلته بالطفلة؟

وخيل إليها أنه سيهم بضربها، ولكنها كانت قد صممت على ألا ترد عليه. ثم شعرت برأسها يدور. إنها حقاً لم تهتم بالطفلة.

- أجيبي! ها هو ذا قد انفلت منه زمام غضبه. ونزل الدرج، ثم وقف أمامها، وأسند مظلته على الحائط، ومد يده تلمس طريقها إلى وجهها التي تخيفه. ثم قال في صوت هادئ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>