للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من الحواشي والتعاليق بما يتفق وهواه؛ كما نلاحظ ظاهرة أخرى وهي نزعة الطفل إلى (الخرافة) كما قد تبقى آثار هذه الظاهرة عند الكبار ولكنها تصدر منهم عن (وعي) بخلاف ما يحدث عند الأطفال إذ تصدر من (اللاوعي).

الخيال عند الأطفال:

علمنا مما سبق بأن الذاكرة عامل لا بد منه لملاءمة البيئة وهي عند الطفل تخضع لظاهرة الإخضاع ملؤها التحيز والأنانية والمادية، وهي صفات فسيولوجية وسيكولوجية لأزمة لنمو الطفل.

إن الذاكرة والخيال يعملان معاً ويكمل كل منهما الآخر؛ ولكن في بدء حياة الطفل يكون أثر الذاكرة أوضح ظهوراً وأقوى مفعولاً من أثر الخيال الذي يكون في بادئ الأمر ضئيلاً جداً، ثم ينمو بنمو جسم الطفل وعقله وهو بلا شك أسمى مرتبة من الذاكرة، ويعد خطوة واسعة إلى الأمام في سبيل التطور العقلي، وهو بالعكس من الذاكرة يخضع لظاهرة الخضوع والمصانعة وهو العالم الثاني اللازم لملاءمة البيئة، وظاهرة الخضوع والمصانعة هي ظاهرة شاقة عسيرة على الطفل وفيها نوع من التضحية من جانبه.

والخيال - على وجه العموم - هو المقدرة على رسم صور لما وعيناه أو تأملناه من فكر وأشياء، ثم الربط بين تلك الصور والأفكار وإبرازها جليه واضحة في مخيلتنا في شبه (لوحة) كاللوحات الزيتية التي يصورها ويرسمها الفنانون والرسامون.

والخيال ضد الواقع، وإذا قيل عن إنسان إنه خيالي فمعنى ذلك أنه ليس واقعياً، وكما يعرف الفيلسوف الفرنسي (باسكال) بأنه قد يكون مصدراً للأخطاء والأغلاط.

يختلف خيال الكبار عن خيال الأطفال لا في وسعه وخصوبته وذكائه عند الكبار فحسب، ولكن في نوعه وطريقة عمله، فهو أجنح إلى المادية يعنى بها أكثر بكثير من عنايته بالمعنويات كما أنه تلقائي يصل إلى الهدف عن أقرب طريق.

فإذا ما شاهد الطفل مثلاً قطرات الندى في الصباح الباكر تكلل الحشائش أو تتدلى من أعطاف الورد فقد يتبادر إلى ذهنه فوراً بأن الورد حزين باك يذرف الدمع؛ وإذا رأى فراشاً ملوناً يتطاير في الحقول فقد يظنه زهوراً طائرة.

فمن هنا نرى أن خيال الطفل يصل إلى هدفه من غير كبير عناء. وقد يتراءى لنا في هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>