للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩ - ارمغان حجاز (هدية الحجاز): عنوان ديوانه الذي ظهر بعد وفاته، رحمه الله، (باللغتين الفارسية والأردية)، وقد سماه هدية الحجاز، لسبب خاص. وبيان ذلك أنه سافر إلى بلاد أوربا مراراً وزار بعض بلاد العرب أيضاً، لكنه ما قدر له أن يتشرف بزيارة الحرمين الشريفين، على ما به من تباريح الوجد والشوق إلى زيارة بيت الله الحرام وقبر النبي صلى الله عليه وسلم. وكان من أمنيته أن يتمتع بها، وقد وطد العزم على ذلك، وجعل يقرض أبياتاً ومقطوعات شعرية، مواجهاً بها بيت الله الحرام ومثوى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فكأني به كان يعد عدته لذلك السفر الميمون ويهيئ الزاد الذي يقدمه إلى عشاق أدبه والمفتتنين بحكمه، حين قفوله من الزيارة المباركة، إلا أن مرضه الأخير قد أنهك قواه، وبقى يتقلب على أحر من الجمر زهاء عامين يتجرع غصص النوى حتى وافاه الأجل المحتوم، ولما يقض لبانته. وفي أيام المرض العصيبة قد جادت قريحته بأبيات ومقطوعات لا تنسى أبد الدهر. وإن ننس لا ننس البيتين اللذين رثى فيهما نفسه، وأنبأ المولعين بأدبه وشعره بدنو أجله:

سرود رفته باز آيد كدنه آيد ... نسمي از حجاز حجاز آيد كدنه آيد

سر آن روزكار أين فقري ... دكر وأنات راز آيد كدنه آيد

ليت شعري، هل للنغمة المفقودة من رجعة؟ ولا أدري، هل أجد بعد اليوم نسيم الريح التي تهب من جانب البطحاء؟

أما هذا الفقير إلى الله فقد آن أوانه ودنا أجله، فلا يعلم إلا الله، هل ينبغ في هذه الأمة حكيم آخر عالم بأسرار الكون ودقائق الأمور؟

وكذلك قوله على فراش المرض قبل وفاته بأيام:

بيشتي بير أرباب يمم آست ... بيشتي بير با كان حرم آست

بكوبا مسلم هندي كدخوش باش ... بيشتي في سبيل الله بيم آست

هناك في الدار الآخرة جنة للذين يجودون بآمالهم ويضحون بذات يدهم، وجنة للزهاد والنساك المتقطعين إلى ذكر الله. وقل للمسلم الهندي أن لا يحزن ولا يتألم، فإن هناك جنة أخرى غيرها، ألا، وهي التي ينعم بها على الذين يجاهدون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون.

- ٥ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>