وتنفق على استقدام فرق التمثيل الأجنبية مالا يقل عن ذلك المبلغ، ولا أعرف بالضبط ما تنفقه على دار الأوبرا الملكية، ولكنا نعلم أنها دار فخمة لها مدير ووكيل وفيها موظفون فنيون وإداريون وسعاة وفراشون وما إلى ذلك، عدا مرافقها المختلفة وما يتطلبه إعداد الروايات من أثاث وثياب ورسم مناظر وغير ذلك، فلا بد أن لها (ميزانية) كبيرة. وهناك أيضاً لجنة ترقية التمثيل، وجوائز مالية تمنح في مباريات التأليف للمسرح.
وكل ذلك يصرف من خزانة الدولة التي تتكون من الضرائب التي يدفعها الشعب على اختلاف طبقاته، ويقصد منه إحياء فن التمثيل وتحقيق المتعة والفائدة، ولكن من يستمع ويستفيد؟ الأغنياء طبعاً لأنهم هم القادرون على (دفع ثمن التذاكر) أما الفقراء ومن يليهم من المتوسطين فحسبهم النظر إلى الإعلانات وصور الممثلين والممثلات في الصحف وعلى الجدران، لقاء ما ساهموا به من الإنفاق على التمثيل باعتبارهم (دافعي ضرائب).
أليس معنى ذلك أن الأغنياء يشاهدون التمثيل على نفقة الفقراء؟ ولعل ذلك بعض الجواب عن تساؤل الدكتور طه: أين نحن الآن من معنى الديمقراطية.
كثرة التأليف من علامات الساعة:
هكذا يقول أثر من الآثار المصرية القديمة يرجع عهده إلى ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد، إذ وجد منقوشاً على حجر من هذه الآثار أن (من علامات الساعة أننا صرنا إلى زمن لا يتورع فيه كل من هب ودب عن التطلع إلى التأليف والتصنيف).
وإذا كان الكاتب القديم في ذلك الزمن السحيق يقول ذلك فماذا نقول نحن الآن وقد صار كل إنسان يستطيع أن يكون مؤلفاً ما دام يملك نفقات الطبع ويستطيع أن يؤلف أي كلام. . حتى انصرف الناس عن قراءة الكتب، وأصبح الكتاب في أزمة شديدة بفضل (المؤلفين) الذين كان يمكن أن ينتفع بهم في إنتاج سلع أخرى؟
فإن كان قدماؤنا قد هالهم ما رأوا من إقبال غير الأكفاء على التأليف حتى عدوه من علامات الساعة، فيظهر أنا وقعنا، مما نرى من فوضى التأليف، في (الساعة) نفسها! والله المستعان.