وخدمة الشباب هي استغلال أوقات فراغهم في إنماء ثقافاتهم وإبراز ملكاتهم الفنية وتعهدها، وتربية أذواقهم وأبدانهم، بالمطالعة والمحاضرة والسينما الثقافية والرحلات والألعاب وغير ذلك من مختلف الوسائل. وتقوم بها في مصر إدارة خدمة الشباب بوزارة المعارف وبعض الجمعيات الكبيرة كجمعية الشبان المسلمين وجمعية الشبان المسيحية وجمعية الأخوان المسلمين، والثانية أكثرها نشاطاً في هذا المضمار.
أما إدارة خدمة الشباب فهي إدارة صغيرة ناشئة تشق طريقها جاهدة في حدود (المستطاع) وهو قليل. وحسبك أن تعلم أنه لا ميزانية لها. . بدأت العمل وسارت فيها وقطعت أشواطاً وليس لها اعتماد مالي!
لم تقف أمام ضيق الميزانية جامدة، بل تلفتت حولها فلمحت إلى جانبها (إدارة التأمين الاجتماعي) وهي ذات صندوق يتكون ما فيه من النقود التي يدفعها طلبة المدارس الثانوية بقصد التعاون الاجتماعي بينهم، ينفق منها على من يحتاج منهم إلى المساعدة في الأغراض والحالات الضرورية. نظرت إدارة خدمة الشباب إلى أختها إدارة التأمين الاجتماعي، وهشت لها وتلطفت قائلة: ألسنا نتحد في الغاية وهي العمل لمصلحة الشباب؟ فلم تضن عليها بل وضعت نفسها وما تملك في خدمتها أي خدمة الشباب. . .
وبذلك استطاعت إدارة خدمة الشباب أن تعمل، فنظمت المهرجان الأدبي والفني، ودعت الشباب إلى مشاهدة الأفلام الثقافية في دارها، وتعاقبت أفواج منهم في الاصطياف بمخيماتها على شاطئ الإسكندرية في الصيف الماضي. وأخيراً تم إنشاء سبعة فروع منها موزعة بمدارس القاهرة، في كل منها ما يتيسر من وسائل التثقيف وأنواع الفنون والألعاب.
كل ذلك ليس بشيء إلى جانب ما ينبغي لخدمة الشباب في هذه البلاد التي تتسكع فلذات أكبادها في طرقاتها كالكلاب الضالة. . واذهب إلى الأحياء التي تسكنها الطبقات المتوسطة، وهي التي يتكون منها سواد الطلبة في المدارس، مثل عابدين وجنينة قاميش وبعض جهات شبرا والعباسية، وانظر ماذا يصنع الشباب في أوقات الفراغ. . فهذه جماعات على الطوار تحملق في الغاديات والرائحات، وتصطنع نوعاً من الغزل (الشوارعي) كثيراً ما يجر المشاكل والمعارك. والمحظوظون السعداء هم الذين ظفروا من