للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى

وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا

وقيدت نفسي في ذراك محبة ... ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا

وقوله:

إنما أنفس الأنيس سباع ... يتفارسن جهرة واغتيالا

من أطاق التماس شيء وغلابا ... واقتساراً لم يتلمسه سؤالا

كل غاد لحاجة يتمنى ... أن يكون الغضنفر الرئبالا

وقديماً عدوا حسن إيراد الحجة من البلاغة، وضربوا بذلك المثل بقوله تعالى: (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه، قال من يحيي العظام وهي رميم؟! قل: يحييها الذي أنشأها أول مرة، وهو بكل خلق عليم، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون، أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم؟ بلى، وهو الخلاق العليم، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن، فيكون؛ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون).

وحيناً يثير الأديب فينا الإرادة، ويدفعنا إلى العمل. وأظهر ما يتجلى ذلك في الخطابة، فإنها كثيراً ما ترمي إلى إثارة التفكير المصحوب بالوجدان والمتبوع بالعمل كخطبة عبد الله بن طاهر في جنده، وقد تجهز لقتال الخوارج: (إنكم فئة الله، المجاهدون عن حقه، الذابون عن دينه، الذائدون عن محارمه، الداعون إلى ما أمر به من الاعتصام بحبله، والطاعة لولاة أمره، الذين جعلهم رعاة الدين، ونظام المسلمين، فاستنجزوا موعود الله ونصره، بمجاهدة عدوه، وأهل معصيته، الذين أرشدوا وتمردوا، وشقوا عصا الطاعة، وفارقوا الجماعة، ومرقوا من الدين، وسعوا في الأرض فساداً، فإنه يقول تبارك وتعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) فليكن الصبر معقلكم الذي إليه تلجئون وعدتكم التي بها تستظهرون، فإنه الوزر لمنيع الذي دلكم الله عليه، والجنة الحصينة التي أمركم الله بلباسها. غضوا أبصاركم، وأخفتوا أصواتكم في مصافكم، وامضوا قدماً على بصائركم، فارغين إلى ذكر الله والاستعانة به، كما أمركم الله، فإنه يقول: (إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون).

<<  <  ج:
ص:  >  >>