؟ على أن النظامين قائمان، حتى قبل إنشاء المدارس الحكومية المصرية، فهناك منذ زمن مدارس أهلية برنامجها مصري، ويقبل أبناء السودان على هذه وتلك على رغم العقبات التي تضعها الحكومة السودانية في سبيلهم، والتي منها عدم الاعتراف بالشهادات المصرية في التعيين بالوظائف، والالتحاق بالمدارس العالية التابعة لحكومة السودان، وغير ذلك.
وبعد فإذا كان الهدف الأول لليونسكو القضاء على أسباب الحروب في عقل الإنسان، فهذه هي عقول الإنجليز في السودان.
الصهيوني والفرقة المصرية:
(الصهيوني) مسرحية ألفها، وأخرجها، وقام بدور البطل فيها، الأستاذ يوسف وهبي بك؛ ومثلت في هذا الأسبوع على مسرح الأوبرا الملكية. وهو يقدم لنا فيها شاباً ماجناً خليعاً مدللاً متعطلاً على الرغم من أنه درس الهندسة الميكانيكية ونال فيها أعلى الشهادات، وهو ابن (باشا) عسكري قديم: يسخط عليه أبوه لأنه ولد (خسران) وفجأة يهبط على المنزل بطائرة ويعلن أنه أصبح ضابطاً في سلاح الطيران بالجيش المصري تلبية لنداء الواجب في حرب الصهيونيين بفلسطين، وفي هذا الموقف نرى البطل الطيار (يوسف وهبي) يقلب الجو الذي كان ينبغي أن يكون رائعاً، إلى مهزلة. . يسخر فيها من أبيه (الرجل العسكري) ويتندر عليه. وتسود هذه الروح وهي تكلف الظرف والفكاهة في غير موضعها - أكثر مواقف الرواية، ومن ذلك ما يحدث عند ما يفاجئ الأسرة شاب يدعي أنه (سامي) ابن الباشا من زوجته الأجنبية التي خرجت به من مصر صغيراً، وأنه لما علم بأمر مصر تحارب في فلسطين أسرع إليها ليؤدي واجبه، ويظهر فيما بعد أنه جاسوس صهيوني، وهو المقصود بعنوان الرواية، يدخل هذا الشاب على أسرة الباشا فيستقبلونه ويدهشون للسانه المصري فيقول لهم: إنه كان يدرس اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية بألمانيا، وينطق بعبارات فصيحة، فيقول له (عزت) المهندس الضابط الطيار: (دا بيكلم نحوي كمان. . . دا ينفع فقي!) وهذا كلام ليس بائخاً فحسب بل هو من فكاهات الطبقة العامية البحتة. . .
هذا وقد أجاد فؤاد شفيق الذي مثل دور الباشا، في دعابته، وهو ممثل مطبوع على الظرف بإلقائه وحركاته وتعبير ملامحه.