وأفضل ما تمتاز به مؤلفات الصفدي بنوعيها العناية بتراجم معاصريه وتسجيل نصوص من شعرهم ونثرهم مع نصوص من شعر المؤلف ونثره. وهكذا ترى أنها مصادر فريدة لأدب جيله وتاريخ رجاله وأن من كتب بعده في أخبار الرجال اعتمد عليها اعتماداً ملحوظاً عند حديثه عن الجيل المذكور. كما أنها تدلنا دلالة ملموسة على ذيوع الروح الأدبية فيه، وعلى تعدد آفاتها التي سرحت إليها، وذلك لكثرة ما سجل من تلك النصوص فيها، مع تنويعها.
وأبرز موسوعات الصفدي التاريخية كتابه (الوافي بالوفيات) ولعل الصفدي قرأ كتاب ابن خلكان (٦٨١هـ). (وفيات الأعيان) وهو جزآن في التراجم، فرآه ضئيلا لم يف بتراجم كثير من الأعلام. فأحب أن يستدرك عليه ويعقب بما وسعه علمه. فألف لذلك كتابه (الوافي بالوفيات) وهو اسم متأثر بتسمية ابن خلكان غير أن فيه دلالة على فكرة مؤلفه.
وقد ذيل ابن شاكر الكتبي كتاب وفيات ابن خلكان، بجزأين صغيرين في كتاب سماه (فوات الوفيات) أقل شأناً من وفيات ابن خلكان في كثير من خصائصه.
ولكننا لا ندري بالضبط أي الرجلين: الصفدي أم ابن شاكر سبقت إليه فكرة التعقيب والاستدراك. ونحن نعتقد أن الصفدي أسبق، لأن ابن شاكر كلما ذكره الصفدي في (فواته) قال (رحمه الله). ونذكر هنا - بهذه المناسبة - أن الرجلين ماتا في عام واحد هو (٧٦٤هـ). كما جاء في درر ابن حجر. غير أنه من الغريب أن ابن شاكر انتهى من تأليف (فواته) عام ٧٥٤هـ. فهل مات الصفدي في هذا التاريخ أو قبله وغلط في ذلك ابن حجر؟ أم أن إضافة (رحمه الله) إلى الصفدي من صنع النساخين أو الطابعين؟.
ومهما يكن من شيء، فقد ألف الصفدي كتابه (الوافي) - وهو من أسبق مؤلفاته - ليفي فيه بتراجم الأعلام من كل صنف بدون تفريق بينهم في العصور أو الأمصار أو الفنون أو الحرف. وبلغت أجزاؤه نحو الخمسين، بها من التراجم بين موجز ومطول. ومن سوء الحظ، أن الأحداث بددت هذه الأجزاء وفرقت شملها، ولو جمعت وطبعت لألقت أضواء ساطعة جديدة على أدب مصر والشام وتاريخهما.
وفي دار الكتب المصرية منه سبعة عشر جزءاً بالتصوير الشمسي عن مخطوطة. وبها أيضاً الجزء الأول في طبعة أنيقة ممتازة، طبعت في الآستانة عام ١٩٣١م بإشراف جمعية