وقد تحدث المؤلف في خطبة الكتاب عن الأمة الإسلامية ورجالها ومآثرهم. ونوه بالغرض من كتابه. واختتم بذكر أسماء من ألفوا في السيرة مع بيان مؤلفاتهم فيها.
واتبع الصفدي في إيراد التراجم الترتيب الهجائي. غير أنه ابتدأ بالمحمدين ثم الأحمدين تيمناً باسم الرسول عليه الصلاة والسلام. ويهمنا أن ننوه بشيئين: أولهما أن الصفدي قدم مؤلفه بمقدمة عظيمة القيمة جليلة النفع. وهي مثبتة في الجزء المطبوع. وقد رأيتها مطبوعة على حدة في كتيب، وكان طبعها عام ١٠١٢م بباريس تحت إشراف (إميل أمار) ومعها ترجمة لها وتعليقات عليها بالفرنسية. وتتكون هذه المقدمة من أحد عشر فصلا، ويبدو أنه متأثر في بعض فصولها بما كتبه أو الفداء في مطلع كتابه (المختصر). وقد تحدث في الفصل الأول عن السنين التي أرخت بها العرب، كموت كعب بن لؤي، وعام الفيل. وانساق في خلاله إلى ذكر اشتغال العرب بالنجوم، وخلق آدم وظهور الاسكندر، وما قيل في ذلك. والطوفان وذي القرنين، وما بين المرسلين من السنين إلى غير ذلك. وفي الثاني تكلم عن مادة (أرخ) من الناحية اللغوية وما اشتق منها وطريقة العرب في التعبير مؤرخين بالأيام والليالي. وفي الثالث تكلم عن كيفية كتابة التواريخ وتحديد الأيام. وفي الرابع تكلم عن (النسب) من الناحية الصرفية، ثم بين أهميته التاريخية مشيراً إلى مفارقات طريفة وقعت للتشابه في صيغ النسب. وفي الخامس تكلم عن العلم والكنية واللقب، وترتب كل منها على النسب. والفصل السادس هو فصل هام في علم الإملاء ورسم الحروف. وتكلم في السابع عن مناهج المؤرخين في ترتيب التراجم أو الحوادث، وعن طرق ضبطهم لحروف المعجم والمصطلحات الخاصة بذلك. وفي الثامن تحدث عن لفظ (الوفاة) وما يشتق منها (والأجل) واختلاف المذاهب في تحديده. وفي الفصل التاسع، تكلم عن فوائد التاريخ من ناحية ضبطه للحوادث، وأورد طرائف تاريخية ظهرت فيه ضرورة تحديد تاريخ كل حادثة. وتكلم في العاشر عن أدب المؤرخ وما ينبغي له من علم وخلق. وفي الفصل الحادي عشر ذكر عدداً ضخماً من كتب التاريخ وأسماء مؤلفيها. فهو سجل هام من هذه الناحية.
أما الشيء الثاني الذي أحببنا أن نشير إليه، فهو أن المؤلف اختص معاصريه بسبعة أجزاء