للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحقيقي.).

وقال (ع): لست فيلسوفا، ولكن في يدي حقائق من علم الحياة لا تأتي الفلسفة بمثلها، وكتابي الذي أقرأ فيه هو الشارع. فأعلم أن العزاب من الرجال يتعلم بعضهم من بعض، وهم كاللصوص لا يجتمع هؤلاء ولا هؤلاء إلا على رذيلة أو جريمة. وحياة اللص معناها وجود السرقة، وحياة العزب معناها وجود البغاء والفسق.

ومن حكم الطبيعة على الجنسين أن الفاسق يباهي باظهار فسقه قدر ما تخاف الفاسقة من ظهور أمرها؛ وهذه إشارة من الطبيعة إلى أن المرأة مسكينة مظلومة. فما ابتذال الحجاب، ولا استهتاك النساء إلا جواب على انتشار العزوبة في الرجال، وكيف يتحول الماء ثلجاً لولا الضغط نازلاً فنازلاً إلى مادون الصفر؟ فهذا الثلج ماء يعتذر من تحوله وانقلابه بعذر طبيعي قاهر له قوة الضرورة الملجئة، وكذلك المرأة المذالة أو الطامحة أو المتبذلة أو المتهتكة - ما صفاتهن إلا توكيد لأعذارهن. وكان على الحكومة أن تضرب العزوبة ضربة قانون صارم، فالعزب وإن كان رجلاً حراً في نفسه، ولكن رجولته تفرض للأنوثة حقها فيه، فمتى جحد هذا الحق واستكبر عليه رجع حاله مع المرأة إلى مثل شأن الغريم مع غريمه؛ ليس للفصل فيه إلا الدولة وأحكامها وقوتها التنفيذية.

وإذا أطلقت الحرية فصاروا كلهم أو أكثرهم أعزاباً فماذا يكون إلا أن تمحي الدولة، وتسقط الأمة، وتتلاشى الفضائل؟ فالعزوبة من هذا جريمة بنفسها، ولا ينبغي أن تتربص بها الحكومة حتى تعم، بل يجب اعتبارها باعتبار الجرائم من حيث هي، ويجب تفسير كلمة (العزب) في اللغة بمثل هذا المعنى: إنها شخصية مذكرة ساخطة متمردة على حقوق مختلفة للمرأة والنسل والأمة والوطن.

وما ساء رأى العزاب في النساء والفتيات إلا من كونهم بطبيعة حياتهم المضطربة لا يعرفون المرأة إلا في أسوإ أحوالها وأقبح صفاتها، وهم وحدهم جعلوها كذلك.

إن لهم وجودا محزنا يستمتعون فيه ولكنهم يَهلكون ويُهلكون به. هم والله أساتذة الدروس السافلة في كل أمة، وهم والله بغاة من الرجال في حكم البغايا من النساء، يجرون جميعا مجرى واحدا. ومن هي البغي في الأكثر إلا امرأة فاجرة لا زوج لها؟ ومن هو العزب في الأكثر إلا رجل فاسق لا زوجة له؟ على أن مع المرأة عذر ضعفها أو حاجتها. ولكن ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>