للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غفرت مصر ما مضى لعلى ... وبنيه وللحفيد المفدى

ولآثارك الجلائل فيها ... ولجسم من نابها خر هدا

وختم شوقي قصيدته محاولاً أن يظهر سأمه من الحياة ويرمه بها، ولكنه ضعف ونزل عن مستوى قصيدته الأول: ولم يدل شعره على انفعال حقيقي حاد.

لقد أنصف شوقي إسماعيل في تلك القصيدة فذكر بإعجاب مآثره على هذا الوطن، ولم ينس أن يبين برفق فضل الأناة والإصلاح على مهل.

ولشوقي مقطوعة أخرى قالها حين أشرف في مدينة نايلي على الدار التي كان يقيم فيها إسماعيل، وهنا ذرف عبرتين أثارهما فيه هذا الزمن المتقلب وما مر بإسماعيل من إدبار بعد عز ونعيم، فهاهو ذا يضطر إلى مغادرة داره والرحيل عن بلاده، ويستقبل في كل يوم من الدهر آلاماً مبرحة حتى تنتهي متاعبه بالموت:

أبكيك إسماعيل مصر وفي البكا ... بعد التذكر راحة المستعبر

ومن القيام ببعض حقك أنني ... أرثي لعزك والنعيم المدبر

هذي بيوت الروم كيف سكنتها ... بعد القصور المزريات بقيصر

ومن العجائب أن نفسك أقصرت ... والدهر في إحراجها لم يُقصر

مازال يخلى منك كل محلة ... حتى دفعت إلى المكان الأفقر

وشوقي في غير هذا الشعر الذي خصه بإسماعيل وأنشأه من أجله لا يكاد يعرض لذكره إلا مقترناً بأسمى آيات الإجلال والتكريم، فهو وفي لأبناء إسماعيل؛ لأنه ولد ببابه وارتدى آلامه فمن العار أن يخونه في بنيه.

أأخون إسماعيل في أبنائه؟! ... ولقد ولدت بباب إسماعيلا

ولبست نعمته ونعمة بيته ... فلبست جزلاً وارتديت جميلا

وعند افتتاح الجامعة المصرية، وكان الفضل في إنشائها لابنة إسماعيل الأميرة فاطمة لا ينسى شوقي أن يشيد بولائه العظيم فيقول:

شمائل كان إسماعيل معدنها ... قد يخرج الفرع شبه الأصل للناس

وكثيراً ما نراه في حديثه مع المغفور له فؤاد الأول يلقبه بابن إسماعيل ويدعوه أن يقفو في الإصلاح أثر المصلح الكبير:

<<  <  ج:
ص:  >  >>