الحواس، (٢) بأول العقل - أي بالضرورة وبالعقل من غير حاجة إلى استعمال الحواس الخمس، (٣) برهان راجع من قرب أو من بعد إلى شهادة الحواس وأول العقل.
ويرى ابن حزم أن الغرض من الفلسفة والشريعة يجب أن يكون إصلاح النفس حتى تستعمل (النفس) الفضائل وتكون في دائرة السيرة الحسنة المؤدية إلى السلامة في المعاد وحسن السياسة للمنزل والرعية جاء في كتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل) ما يلي: (الفلسفة على الحقيقة إنما معناها وثمرتها، والغرض المقصود نحوه بتعلمها، ليس هو شيئا غير إصلاح النفس بان تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤدية إلى سلامتها في المعاد وحسن سياستها للمنزل والرعية. وهذا نفسه، لا غيره، هو الغرض من الشريعة. هذا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء في الفلسفة، ولا بين أحد من العلماء في الشريعة. .)
وابن حزم من المقدمين في الظاهرية والمتحمسين لها. ومذهب الظاهرية هو مذهب الجماعة الذين يقبلون ما جاءت به الآيات الكريمة والأخبار الموثوقة من الحديث والسنة، ولا يتأولون شيئا على ما لم تجر به سنة العرب في فهم لغتهم. وقد وضع في الظاهرية تأليف قيمة تعرض فيها لمسائل فقهية ومشاكل دينية وكان فيها مبتكرا، إذ طبق الأصول الظاهرية على العقائد. ومن آرائه التي أودعها كتبه يتبين أنه كان من الذين (انتفضوا على التوسل بالأولياء ومذاهب الصوفية وأصحاب التنجيم). كان يميل إلى المناظرة والهجوم على خصومه والذين يخالفونه في آرائه، لكنه كان يتوخى دائما إنصاف الخصوم ويتجنب التضليل واختلاق التهم.
ولابن حزم رسالة لطيفة قيمة هي رسالة في المفاضلة بين الصحابة، شرح فيها مذهبه في المفاضلة سالكا طريقا منطقية محكمة. ولقد احسن الأستاذ سعيد الأفغاني في نشرها، فقدم بذلك خدمة علمية جليلة يشكر عليها أجزل الشكر.
وفي هذه الرسالة النفيسة كان ابن حزم مبتكرا في الطريقة التي اتبعها في ترتيب موضوعاتها: وكانت على النمط آلاتي: تقرير للأسس ثم بسط الدعوى، ثم استعراض آراء الخصوم وشبههم وأخيرا دفع للشبه وبرهان للدعوى؛ وهي كما يقول الأستاذ الأفغاني (طريقة محكمة كاملة) تعلم الحوار المضبوط، والمناقشة الدقيقة، والجدل الصحيح القوي، وفوق ذلك، فقد دلت هذه الرسالة على (براعة في تحليل النصوص وجودة الاستنباط، ودقة