للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووقف عليها الأوقاف الدارة.

كان لاستعادة بيت المقدس اثر بالغ في نفس المسلمين، يقصر القلم دون وصفه. وقد اجتهد المؤرخون في وصف دخول صلاح الدين بيت المقدس، ولا زالت خطبة الجمعة الأولى التي خطب بها محي الدين بن الزكي أمام صلاح الدين محفوظة بنصها في كتب التاريخ. أما الشعراء فقد فاضت قرائحهم بتمجيد صلاح الدين فإنشدوه أو أرسلوا إليه ما يعبرون به عن مدى الإعجاب والتقدير ومن ذلك ما قاله الشريف النسابة المصري:

أترى مناما ما بعيني أبصر ... القدس يفتح والفرنجة تكسر

ومليكهم في القيد مصفود الأيام ... ير قبل ذلك لهم مليك يؤسر

قد جاء نصر الله والفتح الذي ... وعد الرسول فسبحوا واستغفروا

فتح الشام وطهر القدس الذي ... هو في القيامة للأنام المحشر

من كان فتحه لمحمد ... ماذا يقال له وماذا يذكر؟!

يا يوسف الصديق أنت لفتحها ... فاروقها عمر الإمام الأطهر

ولأنت عثمان الشريعة بعده ... ولأنت في نصر النبوة حيدر

ملك غدا الإسلام من عجب به ... يختال، والدنيا به تتبختر

ولكن هذا الفتح العظيم على ضخامته لم يله العماد الكاتب عن التفكير فيما بقى بأيدي الصليبيين من بلاد، وان العبء الملقى على عاتق صلاح الدين هو تطهير البلاد كلها من رجسهم فكتب يقول:

قل للميك صلاح الدين أكرم من ... يمشي على الأرض أو من يركب الفرسا

من بعد فتحك بيت المقدس ليس سوى ... (صور) فإن فتحت فاقصد (طرابلسا)

اثر على يوم (انطرسوس) ذالجب ... وابعث إلى ليل انطاكية العسسا

واحتل ساحل هذا الشام اجمعه ... من العداة ومن في دينه وكسا

ولا تدع منهمو نفسا ولا نفسا ... فانهم ياخذون النفس والنفسا

أراد الصليبيون بعد موت صلاح الدين فجمعوا جموعهم ومضوا إلى الشام يعيثون فيه فسادا، ثم رأوا أن افضل طريق للتغلب على عدوهم الملك العادل ملك القدس والشام إنما هو ضرب العادل في مكان حيوي منه، وكانت مصر هي المكان الحيوي المختار. فما أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>