للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تركيا أمام النزعة التقليدية في الفكر الإسلامي. وقد عبر جغرافي القرن السابع عشر كاتب جلبي عن يأسه من الأحوال التي أطاحت بالمعارف الإنسانية من معاهد التعليم التركية: (وعلى ذلك سينظر الناس إلى الكون بعيون الثيران!). ويوضح ذلك أن نظام كوبرنيكس ذكر لأول مرة عام ١٦٨٥ في الترجمة التركية للأطلس الأعظم

ويمكن القول إن عام ١٧١٦ تقريباً بعين بدء الاحتكاك بالفكر الغربي، عند ما كان هناك تجديد وإصلاح في الجيش التركي؛ إذ أدخلت الرياضيات الحديثة في برامج المدرسة الهندسية العسكرية. وفي عام ١٧٢٨ أسس الكاتب التركي إبراهيم متفريقاً أول مطبعة، وبدأ ينشر ما يؤلفه ويحرره عن الحضارة والعلوم الغربية.

ولما شبت نيران الثورة الفرنسية ظهر اتجاه علمي جديد. إذ اعجب السلطان سليم الثالث بالحركة الفكرية السياسية - في العالم المتمدن - التي جذبت انتباهه إلى الحضارة الغربية. ففي أوائل القرن التاسع عشر فتحت مدرسة طبية حديثة.

ثم جاء عام ١٨٣٩ فبدأ عهد إصلاح جديد؛ هو عهد (التنظيمات) أو تنظيم الإصلاح. وقد عم تأثيره كل نواحي الحياة السياسية والاجتماعية. وبالنظر في هذا الاحتكاك بين التفكير الغربي والتفكير الإسلامي فانه يلوح للباحث أن لا بد من وجود تفاعل وتداخل بين وجهات النظر. الإسلامي هذا التقدم لم يظل قائماً، لأن طبيعة الدولة الأوتقراطية والدينية، تعارضت مع تبادل الآراء واحتكاك الحضارات. بل إن هذه الفترة التي استمرت حتى الثورة التركية الصغرى ١٩٠٨ امتازت بالرغبة في المحافظة على المظهر الديني للإسلام أمام تيار العلوم الحديثة. حتى أن الكتاب المحدثين الذين درسوا في الخارج، لم يترددوا في الذود عن الأفكار الدينية البحتة، والمعارضة للحقائق العلمية. على أن هؤلاء لم يؤمنوا بما كانوا عنه يدافعون؛ إنما دفعهم إلى عملهم هذا ما ظهر من ضرورة الإبقاء على النظام القديم. وفي أواخر عهد عبد الحميد الثاني، كانت موجة العداء للفكر الغربي شديدة، بفعل ثورة ١٩٠٨، إذ خرجت كلمة (حكمة) من القواميس بأمر الحكومة! وبالرغم من كل هذا فقد كانت الأفكار الغربية تنتشر. وقد ترجم أحمد مدحت كتاب ج. و. درابر. تاريخ الصراع بين الدين والعلم. وفي معرض نقده لأفكار المؤلف، أكد المترجم إن ليس هناك معارضة للعلم في الإسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>