المخاض التي يضطرب لها كيان البشرية، وتميد معها دعائمها وأركانها. فالمشاكل الاقتصادية اليوم تحتل المكان الأول في نفس الإنسانية المعاصرة، وحتى يجيء اليوم الذي تحل فيه هذه المشاكل على نحو يرضي سنة التقدم، ويشبع رغبة التطور، فستظل مشاكل الفن وحاجات الروح مسائل ثانوية في (جدول الأعمال).
إن الإنسان في هذه الحقبة من الزمن محتاج ليكسب عيشه إلى ساعات لا تقل عن الثمان، هذا في الطبقة الوسطى، أما في الطبقات الدنيا فهو في حاجة إلى أكثر من هذا القدر بكثير أو قليل. فكيف نطلب إلى أمثال هؤلاء أن يخلوا إلى ديوان ليتذوقوا فيه قصيدة عصماء؟ وهم مازالوا يكافحون من اجل رغيف (أغر)؟! إننا نطالبهم بالمستحيل. فهل من أمل في تغيير هذه الحال؟ يخيل إلى أن الجواب هنا يجب أن يكون بالإيجاب، فنحن مقبلون - على رغم العوائق - على العصر الاشتراكي ما في ذلك شك. والاشتراكية هي الأمل المرموق الذي نتطلع إليه شعوب العالم، وتتنزى شوقاً إلى تحقيقه.
ويوم يعم العالم النظام الاشتراكي، فأن هذا الصراع من أجل العيش سينتهي إلى قرار، وعندئذ تنطلق القوى الروحية المطمئنة لتعمل في كل أفق من الآفاق، وإنها لرحيبة بعيدة الأغوار.
فنحن نستطيع بعد هذا كله أن نطمئن الأستاذ (الحكيم) على مستقبل الشعر، لأن الرجاء في مستقبل روحي باهر هو رائد الإنسانية المكافحة في هذا الجيل الذي نعاصره، وإن كنا إلى جانب ذلك نعتقد أن الشعر سيضيق مجاله عند الحد الذي لا يغنى فيه إلا القول الموزون. ولا خسارة هناك من هذا الأمر، فأن النقصان في هذا الفن سيزيده في ذاك، وسيظل الشعر مشعلاً من مشاعل الفن المضيئة الملألئة التي يبهر بريقها الأنظار، وإن علاه في هذه الحقبة شيء من الغبار.
ماهر قنديل
بطلخا الابتدائية
صورة طبق الأصل!
كثيراً ما أقرأ مقالاً بعينه أو قصيدة بعينها في أكثر من مجلة واحدة في زمان واحد، ومكان