وما أوتيت من البيان، فكن واحدة عندنا ليوم تكتب أو تنظم كباحثة البادية؟ وهذا الحفل المقام لذكراها لولا آنستان من الجامعة لكان مأتماً للغة العربية وبيانها، والآنستان هما نعمت بدر، وعزيزة هيكل، فقد وقفت كل منهما موقف الفتاة المتعلمة التي تتكلم بلغة بلادها
ولا أنكر على النهضة النسائية في مصر ما آتت من ثمرات في نواحي حياتنا المختلفة ولكنها نهضة خرساء وإن كانت تنطق بالهذر. . . فالقلم لا يزال عصياً على أناملهن، وميدان الأدب خال منهن إلا قليلاً. وأقل ما يدل على ذلك أنه ليس لدينا جماعة نسوية تستطيع أن تحتفل بذكرى أدبية كباحثة البادية احتفالاً وافياً لائقاً.
ثم أسال: هل الرجل يظلم المرأة حقاً؟ قد ينكر عليها أمراً من الأمور، ويمنعها شيئاً من الأشياء، وقد يفعل ذلك جاهلاً، وقد يكون له فيه رأي ووجهة نظر، ولكن المحقق أنه لا يريد أن يظلمها، وخاصة لأنها محبوبة لدية أثيرة عنده، فالمسألة مسألة رأى واتجاه لا ظلم وهضم حقوق، والحقيقة الظاهرة أن أكثر ما ظفرت به المرأة من عمل الرجل ودفاعه، فكيف يكون محامياً عنها ومتصباً ضدها في آن؟ ومن الخطأ الشائع أن يعد الرجل والمرأة خصمين متنازعين، فما هما إلا أليفان متعاونان متكاملان.
وقد لاحظت أن جميع من خطبن من السيدات والآنسات بدأن بقولهن: سيداتي وآنساتي وسادتي. والمفهوم أن الرجل يقول ذلك مجاملة للجنس الرقيق أفلا يجدر بالجنس الرقيق أن يكون رقيقاً في مجاملة الرجل وعدم الجور على حقوقه. .؟
ولم يخل الحفل من بعض الطرائف، فقد قال أحد الخطباء إن المرأة اليابانية في الحرب الأخيرة كانت تسأل ابنها وهو ذاهب إلى الميدان: من سيخطر ببالك وأنت تتقدم الصفوف لقتال الأعداء؟ فيقول: لن يكون في خاطري غير الوطن وقد أذكر أمي فتتسرع الأم إلى الانتحار حتى لا تشرك الوطن في خاطره. وأهاب الخطيب بالحاضرات أن تكون المرأة اليابانية لهن مثالاً يحتذينه. . فأجبته:
(لا. . كله إلا الانتحار!)
وقال الأستاذ عبد الحميد حمدي في كلمته إنه وإن كان يؤيد المرأة في المطالبة بحقوقها السياسية إلا أنه يرى الوقت الحاضر غير ملائم لدخولها مجال الانتخابات لما يلابسها من الفوضى، فقالت إحداهن: نعين في مجلس الشيوخ. أقول: ولكن عضو الشيوخ يشترط فيه