لو طاح منهم طايح ما حد شال ... حمله ولو شول لك الله كراعه
رجل بليا مال ما هو برجال ... لو هو على الشدة طويل ذراعه
وقال أحدهم في الهجاء:
شاقول ياهل الهوى شاقول ... وهذا نصيبي من الخلاني
ومضمرا والشمر منسول ... ليجيت احب النحر غطاني
والحب بفتح الحاء عندهم هو التقبيل، ولعل تلك الكلمة مستعملة في الجو الريفي المصري ونستطيع أن نلمس الجمال والبراعة في الشطر الثاني من البيت الثاني إذ قد طغى جماله فتتزاحم في الفكر أخيلة حالمة تشعر المرء بالانتعاش في قرارة نفسه، كما تشعر تلاوة الشطر الأول من نفس البيت.
أما الرثاء فإن الكويتيين كما عرفتهم لا تحتل الأحزان والأشجان مكانا في قلوبهم، وإن احتلت فالصمت والهدوء ديدنهم. ولقد تعجب إذا مات لأحدهم عزيز فتراه ساكنا لا يفعل ما يفعل سواه في متباين الأقطار العربية. وقد تعجب لدهشته من كثرة عباراتك المواسية ورثائك وتفجعك من هول المصاب؛ لأنه يرى الموت أمراً محتوماً ولا راد لقضائه، فهو فيلسوف هذا الظرف الحزين، وبالرغم من ذلك فقد اخترق الأدب الشعبي الطريق ليبن لنا أن الكويتي وإن كان فيلسوفا ساكنا إلا أن في فؤاده من الحزن دمعا لا يتعدى نطاق القلب وسوبدائه، فأجرجالشعراء دوراشعبية في الرثاء تؤثر في النفس تأثيرا عميقاً، من هذا قول أحدهم:
الله من خطب دهانا بالأبكار ... أدعى القلوب تشب فيها السعاير
يا موت حسبك من تسقيه الأحرار ... كاسات ليعات تفت المراير
وسط اللحود وبين ملتف الأحجار ... في ذمة المولى رهين القباير
ولقد احتل الأدب الشعبي مكانة عظمى من الأغاني والأناشيد الكويتية بأنواعها، وأنا أذكر بيتا من نشيد نبطي هو: