هذا ولم يكتف المصريون بعبادة الشمس من حيث هي مصدر الحياة، وإنما قدسوا النيل، واتخذوا من السماء إلها، ومن الكواكب أربابا، كما يتبين من دعاء ورد في إحدى أوراق البردي ذلك نصه:(أنت الإله الأكبر، سيد السماء والأرض، خالق كل شئ، يا إلهي وربي وخالقي، قو بصري وبصيرتي لأستشعر مجدك، وأجعل أذني صاغية لأقوالك. .)
وهكذا يتبين تأليه المصريين لقوى الطبيعة بحكم بداوتها الفكرية، شأنهم في ذلك شأن الطفل: موضوعات الدين في ذهنه صور حسية خيالية، لم ترق بعد إلى المستوى العقلي التجريدي؛ الطفل الذي يميل بحكم طوره العقلي إلى أن يضفي على الكائنات جامدة كانت أو حيوانية صفاته الإنسانية؛ فيرى الشمس والقمر والنجوم حاصلة على صفات الكائنات الإنسانية، من قدرة وإرادة وفهم، المر الذي يجعله حينما يصطدم بحائط أو باب صدمة تؤلمه، ينهال عليه ركلا، مفرغا فيه حتفه كما لو كان الحائط أو الباب ذا إرادة شريرة وكما لو كان يحس الألم كما يحسه هو.
وهذا يذكرنا بأحد الأباطرة القدماء الذي انهال على مياه البسفور ضربا بالسلاسل لأنه اجترا فاكتسح أسطوله.
فسلوك المصريين القدماء إزاء قوى الطبيعة المعبودة، وسلوك الطفل إزاء الباب، وسلوك الإمبراطور الحانق على البسفور سلوك ناجم عن تصور خرافي للحوادث، وتعليل وهمي لها.
آمن المصري القديم بخلود الروح. ولا يسع من يستعرض مقابره ونقوشه ومعابده إلا أن يستوثق من سيطرة هذه العقيدة على ذهنه سيطرة أذهلته عن واقع الحياة، ومن شوقه