للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحقا لم نر أحداً من المشتغلين بالكتابة أو الصحافة قد أرتكب هذا النوع من جرائم القتل وسفك الدماء أو أشترك في تدبيرها. ولكني أنظر إلى الموضوع من جانب غير الجانب الخطابي الذي نظر منه الأستاذ الشوربجي، فليس كل من كتب صاحب عقيدة، وكثيرا ما تشترى الأقلام وتؤجر الصحف.

صاحب القلم لا يحمل القنبلة، وما حاجته إليها وقد أفرغ طاقته بسنان القلم، وسكب جهده على الورق؟ إنه يعبر عن ثورته ولا يختزنها، فليس به بخار مضغوطا تفجره القنبلة أو يطلقه المسدس. يصنع حماسة كلمات من نار، فلا يبقي منه ما يصلح لصنع الرصاص أو (الديناميت)، يصول ويجول ولكنه لا يعرف ميدانا غير القرطاس.

وإن صاحب القلم يضني نفسه بالكتابة والتحبير، ولكنه يجد في قلمه متنفساً يخفف عن أعبائه، وما أجدر الكتابة الحرة أو تحسب فيما يشفى من الأمراض العصبية أو يعصم منها.

ومن هنا ندرك قيمة حرية التعبير عن الرأي في صيانة الأمن العام، وأنك لتجد أكثر الأمم استقرار وخلوا من القلائل، هي التي نالت حظا موفورا من حرية الفكر لأن القوى تتجه إلى اصطراع الأفكار ولا تنحرف إلى التخريب والتدمير.

أمر معكوس:

لمصر في فرنسا ملحق ثقافي يفهم الإنسان من وضعه الرسمي والطبيعي إن مهمته تنظيم العلاقات الثقافية بين البلدين على أن يكون الهدف رعاية جانب بلاده من الوجوه المختلفة، فيدعو إلى ثقافتها ويبرزها ويبين آثارها في الحضارات والثقافات بمختلف الوسائل.

ولكن ملحقنا الثقافي في باريس يعكس الأمر، فقد أذاع من مذياع باريس يوم الخميس الماضي حديثا عن العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا في عهد محمد علي الكبير أشاد فيه بفضل فرنسا مؤيدا بما توصلت إليه همته ونشاطه الفائقان من الوثائق والمستندات.

أثر فرنسا في النهضة الثقافية بمصر معروف لم ينكره أحد، وله مكانه في التاريخ، ولكن ما لهذا نبعث الملحقين الثقافيين، ولو أن هذا من أغراضنا لكفانا مئونته الفرنسيون أنفسهم. ثم هل الظروف الحاضرة ملائمة لمثل ذلك؟

نقد مسرحي:

<<  <  ج:
ص:  >  >>