كنت ناوياً في أول الموسم المسرحي الحالي أن أتابع الروايات التي تمثلها الفرقة المصرية فأتناولها بالنقد واحدة واحدة، وبدأت فعلا بالمسرحية الأولى (سر الحاكم بأمر الله) وكتبت عن غيرها، ولكني عندما وجدت مستوى ما تعرضه الفرقة هابطا فتر حماسي، وخمدت رغبتي في المعاونة بالنقد على إحياء هذا الفن الذي تلتقي فيه عدة فنون.
وما كنت أدري، ولم يعجبني الخوخ، أني سأضطر إلى شرابه. . . فأكتب عن (أوبريت الحمار).
هي (تمثيلية) عرضتها فرقة شكوكو على مسرح حديقة الأزبكية، ونقلتها الإذاعة في سهرة ليلة الجمعة الماضية، وهي تتلخص في أن حماراً (يمثله أحد أفراد الفرقة) يظهر على المسرحوعلى إحدى أذنيه عدد وعلى الأخرى (نفير) وصاحبه (شكوكو) يسميه (تكس) ويأتي (واحد خواجه) ويركب (التكسي) ويغني له شكوكو: (يا حوحو. . يا ميمي. . . شي) ثم ينزل الستار.
وهي تعتبر مسرحية غنائية من نوع (الأوبريت) ولا بد أن شكوكو يقصد بها أحياء هذا الفن مع شيء من الإبداع والتجديد يبدو في خلوها من وجهة وطنية أو اجتماعية، مما كان يتجه إليه أهل هذا الفن من الجيل القديم. . . ومما يذكر أن هذه (الأوبريت) يدور فيها صراع عنيف بين (الخواجة) والحمار الذي يزعم صاحبه أنه (تكس) وهو كسائر ما في المسرحيات العالمية صراع خالد. . . وهي لذلك (مؤثرة!) وقد أخرجها شكوكو، واشترك أيضا في التمثيل وألفها مؤلف نسيت اسمه.
يبقى أن أذكر المهم، وهو الذي اضطرني إلى شراب الخوخ ذلك أن مجلس الوزراء قرر من نحو شهر انتقال مسرح حديقة الأزبكية من اختصاص وزارة الأشغال إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لاستخدامه في (ترقية التمثيل) وذلك أيضاً أن الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية جادة في نقل روائع الفنون إلى مستمعيها لا في مصر فقط، بل إلى كل من ينطق بالضاد في أنحاء المعمورة، كي يقف الجميع على ما يعرض في مسارح القاهرة من تمثيليات رائعة خالدة. . .
أو ليس يدعو كل ذلك إلى أن تنقد تمثيلية الحمار نقداً مسرحياً يلائم مكانها من (ترقية التمثيل)؟!