وعرب، وربما كان صلاح الدين قد فسح المجال للمصريين فالتحقوا بسلك الجندية وكونوا فرقاً، بل يظهر أن صلاح الدين لم يسرحوا جيش الفاطميين تسريحاً تاماً، بل أبقوا على بعض فرقه، ففي عهد العزيز بن صلاح الدين يسجل التاريخ قتالاً دار بين الطائفة المحمودية واليانسية، وهما من فرق الجيش الفاطمي.
وحافظ خلفاء صلاح الدين على تكوين جيوشهم من الأكراد والترك والعرب، وقسمت الجيوش فرقاً نسبت كل واحدة منها إلى أحد القواد العظام كالفرقة الأسدية نسبة إلى أسد الدين شبركوه، والصلاحية نسبة إلى صلاح الدين، الأشرفية نسبة إلى الأشرف موسى.
وكما لم تذب العناصر بعضها في بعض أيام الفاطميين لم تذب كذلك في عهد الأيوبيين، وكان النزاع يحدث أيضاً بين هذه العناصر والفرق، أو ينحاز بعضها إلى زعيم وينحاز بعضها الآخر إلى زعيم غيره كما حدث ذلك في أيام العزيز، وفي عهد العادل الثاني، غير أن القيادة القوية في عهد الأيوبيين لا تلبث أن تعيد النظام إلى نصابه، وتقبض بيدها القوية على الزمام، فيعود السلام ويسود النظام.
وظل العنصر الكردي هو الغالب على الجيش طوال عهد الدولة الأيوبية حتى عهد الصالح أيوب الذي أستكثر من شراء المماليك، وكان معظمهم من الأتراك، وسبب استكثاره منهم أنه لمس إخلاصهم ووفاءهم له في الشدة التي ألمت به في حرب لأخيه العادل، فإنه عندما أعتقل بالكرك، انفض من حوله جنده من الأكراد، ولم يبق معه سوى مماليكه الذين اشتراهم، فعندما استولى على عرش مصر حفظ لهم ذلك الجميل، واستكثر منهم حتى صار منهم معظم الجيش، وارتفع عددهم في معركة المنصورة إلى عشرة آلاف وظل المماليك حفظة أوفياء للصالح وذكراه ومنذ ذلك الحين إلى أن انتهت الحروب الصليبية والعنصر الغالب في الجيش النظامي الدائم هو عنصر الأتراك المماليك وإن كان في الجيش أكراد وعرب، أما عندما هوجمت مصر وبدا خطر استيلاء الفرنج عليها في عصر الكامل والصالح فقد هب المصريون للدفاع عنها، واجتمع عنها واجتمع منهم عدد ضخم ساهم مساهمة فعلية في الذود عن حياض الوطن، وفي الحملات الحربية التي شنتها في جنوب الوادي أو ضد المغول أو الفرنج في عصر المماليك لم تتكون جيوشها من المماليك وحدهم، بل شاركهم في ذلك المصريون والسوريون والبدو من العرب، وكان عددهم يزيد على عدد