والدليل على أن (راقصات) الباليه غارقات في (الصوفية) أن صحفنا ومجلاتنا تنشر صورهن التي توحي إلى القارئ كل معاني الروحانية السامية. . . وهل تنشر صحفنا ومجلاتنا غير ذلك؟!
وقد أبدى أحد نقادنا الحصفاء ارتياحه للإقبال على فن الباليه في مصر، وعد ذلك نجاحاً للذوق الفني المصري. . . طبعاً يا سيدي، ومن قال لك إن الذوق المصري يتجرد من الإحساس؟ ومن في العالم يستطيع أن يتذوق هذا الفن كالمصريين؟ الرجال رجال. . . والنساء ينظرن هذه البضاعة الجديدة ويتباهين بثمين الحلي والفراء، ومجلة كذا ستنشر صورة قرينة فلان أو ابنة علان، وهي ترتدي فراء فاخراً أو تتحلى بجوهرة فريدة ثم أليس هذا شيئاً من (بلاد بره)؟ ومتى يكون التظاهر بالمدنية والرقي إن فاتت فرصة (الباليه) في الأوبرا؟ ولا بأس ألا يفهم (المتمدن الراقي) شيئاً من تمثيل البجع أو الحوريات، ولا بأس أن تكون عينيه وفؤاده معلقتين بالأجسام التي تتلوى كالخيزران وعقله فارغاً مما يشغل العقول. . .
أليس كل ذلك أسباباً داعية إلى نجاح (الباليه) في مصر؟ وكل عام وانتم بخير.
ضريح سيدي مختار:
نشرت الصحف أن وزارة المعارف قررت بناء ضريح للمثال مختار، ورصدت لذلك ستة آلاف من الجنيهات، والوزارة طبعاً تقصد تخليد ذكرى المثال المصري. ولكن لم اختارت الضريح وسيلة لهذا التخليد؟ إن كان المقصود الجري على سنة الغربيين في دفن العظماء والأعلام ببنايات ضخمة تمجيداً وتقديراً لأعمالهم فإنهم هناك لا يخصون كل واحد بضريح وإنما يجمعونهم في مكان واحد. على أنه لا داعي لتقليد تلك البلاد في ذلك، وخاصة أننا لسنا مثلها في استكمال أسباب الحياة المستقرة من حيث التعليم وغيره، فأمامنا ضرورات لا ينبغي معها إنشاء الأضرحة، وأقرب شيء إلى ذلك حاجتنا إلى نشر التعليم ومحو الأمية. والوزارة تشكو من ضيق الميزانية بأعباء مشروعات التعليم، وهي تواجه أزمة في أبنية المدارس. فلا أشك في أن إنشاء مدرسة يطلق عليها اسم مختار أجدى من الضريح وأخلد لذكر صاحبه.