فأخبره بأن هذا الطفل إذا كبر يقتله ويستولي على ملكه، وأشار عليه بقتله وهو في المهد، فأعطاه هو وجوكاستا راعياً لهما ليقتله. فلما ذهب به ليقتله لم يطاوعه قلبه على قتل طفل بريء، فأعطاه راعياً آخر ليذهب به إلى بلده ويتخذه ولداً، فذهب به ذلك الراعي إلى بوليت ملك كورنت وزوجته ميروب، فتبنياه وربياه في قصرهما إلى أن كبر، ولكنه علم أنه لقيط، فلم تقبل نفسه أن يقيم مهما بعد علمه بذلك، ففر من قصرهما ليبحث عن حقيقة أصله فألقى به القدر إلى طيبة، وكان لايوس قد خرج من طيبة في حاشية له، فزحم أوديب مركبة لايوس عند مفترق الطرق بين دلف ودوليا، وقام شجار بينه وبين الحراس من الحاشية، فتغلب عليهم وقتلهم، وأصابت ضربة منه رأس لايوس فقتلته وكان في الحاشية ذلك الراعي الذي أعطاه لايوس أوديب ليقتله، ولم ينج غيره من الحاشية. فأشيع أن جماعة من اللصوص خرجوا على لايوس فقتلوه، وكانت جوكاستا لا تزال في عنفوان شبابها، وكان لها أخ يسمى كريون، فجعلوه وصياً على العرش، وهنا ظهر وحش خارج أسوار طيبة له وجه امرأة وأجنحة نسر سماه أهلها أبا الهول، وكان كل من تخلف منهم خارج الأسوار بعد الغروب يلقي عليه لغزاً ليحله فيعجز عنه ويقتله، حتى أهلك عدداً كبيراً منهم، فاتفقوا على أن يمنحوا عرش طيبة لمن ينقذهم منه، ويزوجوه جوكاستا، وكان أوديب هو الذي أنقذهم من ذلك الوحش لأنه قدم عليه فسأله عن لغزه: ما هو الحيوان الذي يمشي في الصباح على أربع، وفي الظهر على اثنتين، وفي المساء على ثلاث؟ فأجابه بأنه الإنسان، لانه يحبو في صغره على يديه ورجليه، وفي الكبر يستوي ماشياً على قدميه وعصاه، فأعطوا أوديب عرش طيبة وزوجوه جوكاستا وهو لا يعلم أنها أمه، كما قتل لايوس وهو لا يعلم أنه أبوه وقد قضى معها عيشة طيبة ورزق منها بأولاد ولكن هما كان يثقله من جهة أصله الذي خرج من كورنت يبحث عنه، فكان يهمه أن يصل إلى معرفة حقيقة أصله، وفي معرفته القضاء على هناءة عيشه هو وزوجته لأنها أمه وأولادها إخوته، وهنا شاء القدر في قسوته أن يوصله إلى حقيقة أصله فيسلط طاعوناً على أهل طيبة، ويعجز أوديب عن إنقاذهم منه كما أنقذهم من ذلك الوحش فيرسل كبير الكهان كريون أخا جوكاستا إلى معبد دلف ليسأل الآلهة عما يفعلونه ليرفع غضبه عنهم فيجيبه الإله بأن سبب هذا الغضب إثم يدنس طيبة بدم الملك لايوس ولا مفر من غسل الدم بالدم، ويخبره بأن قاتله هو أوديب،