للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفتحت الباب فدلفت منه جلاديس مجهدة وقالت (إني آسفة لتغيبي هذه المدة الطويلة يا فيل. إن هذا هو الضرر الذي يأتي من معرفة الناس للإنسان في الطرق، ولابد أن تقف وتحي عند كل ناصية).

وذهبنا إلى المطبخ وجعلنا أساعدها في فض حاجاتها وسمعتها تقول لي (كيف استطعت أن تجلس هنا وحدك؟). فقلت ضاحكاً: (لم أكن هنا وحدي. إن آسي كانت معي) فلم تفه بكلمة، فنظرت إليها فشاهدت في دهشة أن وجهها قد تقنع بقناع من الحيرة، فقلت (ما الأمر!؟) قالت (لا يمكن أن تكون شاهدت آسي. أنني قابلتها في طريقي وهى مقبلة من الشاطئ، وقد أرسلتها إلى محل لويز لتقص شعرها، وستحضر وقت تقديم الشاي).

وأحسست بشعور خفي من الرهبة يغزو قلبي، فقلت (ولكن، لا يمكن أن يحدث ذلك، لقد كانت تتحدث معي هنا، وكانت تجلس على ركبتي فقالت (ما شكلها؟) فجعلت أصف لها الطفلة بشعرها المعقود بالشريط، وردائها البني، ومئزرها الأبيض وقلت (وكانت تلعب بالتمثال الخزفي للبجعة البيضاء الموضوع على النافذة).

وهبت جلاديس واقفة، وقد تصلب جسمها، ثم صرخت صرخة مخيفة، وأمسكت بها قبل أن تخر ساقطة، وأجلستها على المقعد. وعندما فتحت عينيها نظرت حولها في ذهول ورعب ثم قالت (أغلق الباب والنافذة) وازداد شعوري بالخوف وخيل إلى بأن ظلاماً حالكاً قد خيم على جو الغرفة، لم أعهده فيها من قبل.

وقالت جلاديس (لقد رأيت مارجريت) واعتدلت في مقعدها وقد اتكأت على مرفقها تراقب الباب المغلق. وألححت عليها أن تفسر لي ما غمض من حديثها، وتخبرني به دون إبطاء، فقد كنت أود أن يطغى صوتها على أي صوت أتوقع حدوثه كوقع أقدام تسير في تؤدة وتردد على الدرج، واحتكاك يد صغيرة تستند على الباب، ولكنها ل تفه بكلمة. وبدافع قوي، تركتها وهى تبكي وتتوسل أن أظل معها، وذهبت إلى الغرفة الأمامية، وأزحت ستائر النافذة. كانت البجعة لا تزال في موضعها ولكني لاحظت فيها شيئاً لم ألاحظه من قبل. كان العنق يتصل ببقية الجسم بمسمار فضي لامع. واستمعت في سكون الغرفة إلى دقات قلبي، وأغمضت عيني وأنا أسير في الممر عائداً إلى المطبخ وجعلت أتحسس طريق بأطراف أصابعي دون أن أدرك ما الذي ألمسه. كانت جلاديس ما تزال متكئة على مرفقها،

<<  <  ج:
ص:  >  >>