وقد بدت في عينيها دلائل الرعب والخوف. فقلت (من هي مرجريت؟) قالت (أنها ابنتك. أنت بعد فراقك الفجائي مباشرة. كانت طفلة جميلة. وكانت تعيش معنا - أنا ووالدتي - دون أن يعرف أحد عنها شيئاً، ولم نكن نسمح لها بالخروج فيما عدا الحديقة بعد الغسق. كان من الصعب أن نهدئ من حالها، فقد كانت دائمة اللهو والمرح، دائبة على اللعب والغناء. وكانت معجبة بالبجعة البيضاء وتحب أن تلهو بها، فتنهاها جدتها عن ذلك، لأن التمثال كان تحفة ثمينة. ولكن حدث في ذات يوم أن أسقطت البجعة فانفصلت رأسها. أظنك قد لاحظت المسمار المثبت في عنقها).
وكنت أعرف انه لم يكن هناك مسمار عندما كانت الطفلة تداعب بأناملها الجميلة جسم البجعة المصقول.
واستطردت تقول (كانت والدتي ذات مزاج حاد، وكان من الصعب عليها أن تساعدني في ولادة ابنتي التي لا يعرف الناس عن والدها شيئاً، بل كانت تشعر بالعار من ذلك. ولم يكن يزور دارنا القائمة على الجرف هناك سوى اللبان وبائع الصحف. وعندما رأت والدتي البجعة المكسورة، انحنت على الطفلة، وقبل أن أمنعها، كانت قد لطمتها لطمة قوية على أذنها. ولم تكن والدتي في الواقع تعني أن تؤذيها، بل أرادت أن تلقنها درساً في الطاعة. وعدت مرجريت صاعدة إلى الطابق العلوي وهى تبكي وتنتحب، وشعرت بألم وارتباك من كل ما حدث فقد كنت مغرمة بالطفلة، حقيقة كنت احبها حباً شديداً. وفي تلك الليلة خرجت مر جريت من نافذة غرفتها وهربت ولا أدري كيف استطاعت النزول من ذلك الارتفاع، فقد كان من الصعب على طفلة مثلها أن تهبط على تلك النباتات المتسلقة الرفيعة.
وكدت أجن. ولم أجرأ على الحث عنها بحثاً دقيقاً خشية ألسنة الناس. على آية حال، مكثت طوال الليل هائمة عند الجرف. وفي الصباح عثرت على قطعة بيضاء من القماش ملتصقة على قمة إحدى الصخور الثلاثة، فنزلت ولا أدري كيف، فإني كما تعرف أخاف دائماً المرتفعات. كانت قطعة من مئزرها قد انحشرت بين نتوءين. فاستنتجت ما حدث. ومكثنا أسابيع ننتظر دون أن نجرؤ على التحدث، ولم نستطع النوم ليل نهار. وأخيراً وجدوا جثتها. كان قد لفظها البحر وقد ألقاها على الشاطئ على بعد أميال من هنا، في مكان لا أعتقد أننا ذهبنا إليه يوماً ما. ولم يتبينوا شخصية الجثة، فإنه لم يبق منها شيء عندما. . .)