فرأت شعراً قد كتب بقلم رصاص وبخط أنيق جداً على ورقة، يدل على براعة فنية وشاعرية فذة والهام خصب فعلم صاحبنا أن الغرفة التي هو فيها مخدع العذراء التي يبحث عنها، وإنها هي الشاعرة الجميلة الفيلسوفة. أحس في أعماق نفسه بأنه أقترف جرماً أخلاقياً بشعاً لاستباحته مخدع فتاة خفية عنها وعن أسرتها كما يفعل اللصوص، وتراجع مذعوراً من تأنيب ضميره إلى قواعده في تلك الغرفة الكئيبة، والشعر الرائع لا يزال يتردد في حنايا حسه وهو يقول لنفسه، إن التي تنظم شعراً من هذا النوع لا تكون إلا ملاكاً من ملائكة الرحمة وغير ممكن أن تكون مصابة بجنون.
وارتمى فوق سريره يفكر في الشعر وفي ناظمه، ويحلم بلقائها. . وعبثاً حاول صرف خيالها عن خاطره، وعبثاً حاول مقاومة تلك الرغبة العنيفة التي تدفعه دفعاً إلى العودة للجناح الخاص الذي تعيش الشاعرة الشابة فيه من ذلك القصر الكئيب وأخذ طريقه بعد أيام إلى مكانها. . . وفيما هو يهم بفتح الباب المؤدي إليه، إذا بيد تفتحه وإذا به وجها لوجه أمام فتاة بارزة النهدين، في عنفوان الصبا ونضارة الشباب. وما رأى لها شبيها في حياته. . . تراجعت الفتاة قليلا مشدوهة. . . وهي تكاد تلتهمه بنظراته الجائعة. . . وتراجع قليلا، محمر الوجه خجلا من اكتشافه في ذلك المكان الخاص من القصر لا يسمح له بالذهاب إليه، وولى الأدبار إلى غرفته، بعد أن ألقي نظرة طويلة على الشاعرة الجميلة الشابة الساحرة، وهي تلاحقه بنظراتها التي حملت إلى قلبه أولى رسائل الحب الجارف العنيف.
تغيرت حياة الشاب بعد هذا اللقاء. . أصبح لا يجد معنى للحياة إلا إذا رآها. . . لا يشتهي الطعام، ولا يجد النوم إلى جفنه سبيلا. وأحس في نفسه أنه يتحول إلى مخلوق جديد لا يمت بصلة إلى الإنسان الذي كان يعيش في جلده. . .
أصبحت المروج الجرداء والتلال الموحشة والبراري الصامتة روضة من رياض الجنة. . . أنه يرى وجه أولالا في كل ما تقع عليه في الدنيا، فيرى كل شيء ساحراً جميلا. لقد أصبح عاشقاً.
وأفاق مبكراً ومر في طريقه العادي فرأى وجه الشاعرة الجميل يطل من مكان قريب. . . فاندفع إليها مشدوها مذهولا ولكنها تراجعت قليلا وحاول أن يقول لها كلمة فرأى أن الكلمات تموت على شفتيه. ففر متجها إلى التلال القريبة. . . وجلس على صخره تطل