وهذه الاتهامات في حد ذاتها تظهر طبيعة الدفاع الذي تهيئه الكنيسة الكاثوليكية ضد التحدي الشيوعي.
فالفاتيكان لا يترك أجنحة المهيضة في منطقة النفوذ الشيوعي تصارع منفردة، وإنما يقدم لها المعونة المادية والمعنوية بواسطة المبعوثين الدبلوماسيين للدول الغربية في عواصم الحكومات الشيوعية. ويبدو أن الولايات المتحدة بحكم المصلحة هي رسول الفاتيكان لاتباعه في المنطقة الشيوعية.
وهذه الاتهامات كذلك تدل على أن الكنيسة الكاثوليكية في صراعها مع الشيوعية لا تقتصر على التربية الدينية، فهي ترعى منظمات سياسية دنيوية الوسائل كعصبة العمل الكاثوليكي التي أنشأها البابا بنديكت الخامس عشر قبل ثلاثين عاما، وهي شبكة من الهيئات الشعبية تجند القوى الشعبية لنصرة الكنيسة وتتكلم باسمها في الشؤون المدنية، وهي مرتبطة مع بعضها على يد الفاتيكان وإدارته المركزية في دقة وأحكام.
وقد شعرت الكنيسة الكاثوليكية بخطورة التكتل العمالي واحتكار اليساريين لهذا التكتل فشرعت تنافسهم، ففي كل مجتمع كاثوليكي نقابات للعمال الكاثوليك توحي إلى الطبقات العامة أن الكنيسة نصيرة للعمال، وان نصرتها لا تقتصر على الخلاص الروحي، بل تتناول كذلك الإنعاش المادي عن يد التنظيم العمالي وما يستلزمه من ضمانات اقتصادية واجتماعية، وهذا النشاط يكون خارج سيطرة الكنيسة المباشرة، ألا أنه يعمل بإيحائها وينال بركتها ويلبي دعوتها عند الحاجة.
أما موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود في صراعهم مع الشيوعية الدولية، فهو غامض ودقيق، فمن التهم الموجهة إلى الكاردينال الهنغاري تهمة التحريض على اليهود. وقد حوكم من قبله عدد من الرهبان الكاثوليك في بولندة ورومانيا بنفس التهمة. والعداء لليهودية العالمية يقرأ بين السطور في المنشورات والصحف الكاثوليكية، ومع ذلك فلا يتخذ هذا العداء على خطورته طابع التحدي العلني (وقضية العدوان الصهيوني على الأماكن المقدسة اقرب مثل على ذلك)، وذلك لأسباب عدة، منها أن تسرب النفوذ اليهودي إلى ألسنة الرأي العام الدولي يجعل الكنيسة الكاثوليكية تتفادى أثار غضبه، وخصوصا في الدول الانجلوسكسونية لئلا تتهم حملتها (أي الكنيسة) على الشيوعية بالعداء المذهبي والعنصري،