تكتيكاً لا يستر حقيقة المقاصد والغايات. ويؤكدون بأن رسوخ النظام السوفيتي في روسيا اليوم ورسوخ العقيدة الماركسية في أدمغة حملتها تجعل التقلب في التصريحات والمسلك الخارجي أمراً سهلاً يستطيع الروس اللجوء إليه دون أن يبدلوا حقيقة سياستهم من خصومهم من برامجهم الواقعية لبلشفة العالم. ولنا في الصهيونية مثل على هذه الحقيقة. فكلنا يعلم كيف أن الأحزاب والجماعات اليهودية في فلسطين والعالم إجمالاً كانت ولا تزال تتوفى هدفاً واحداً هو السيطرة على نقطة التركز في الشرق الأوسط، وأن السياسة الصهيونية كانت ولا تزال تتقلب تبع الظروف الطارئة، فمرة وطن قومي، ومرة حكم ثنائي، ومرة تقسيم محدود بدون شرقي الأردن، وبعد ذلك - حين تواتي الظروف - أرض الميعاد بحدودها الطبيعية وهي تشمل أجزاء من مصر وسوريا والعراق ولبنان. فوابزمان كستالين كان ولا يزال يتلاعب بتصريحات تتلاءم مع الظروف الحالية. والمتتبعون لتطور المسلك الصهيوني يدركون ذلك تمام الإدراك.
فالتقلب في سياسة روسيا الخارجية، يعود إلى ثقة صناع السياسة في الاتحاد السوفيتي من رسوخ النظام الذي يسومونه خصوصاً وأن وسائل المواصلات الفكرية بين الشعب الروسي والعالم الخارجي خاضعة لمراقبة توجيهية دقيقة يتولاها خبراء مهرة مما يجعل للتصريحات الروسية الرسمية طابعين: طابعاً للاستهلاك الخارجي، وآخر للداخلي. وليس من الضروري أن يتناسق الطابعان. وهذا في الواقع مسلك تقليدي في الدبلوماسية الدولية، ولكنه لا يتخذ طابع الاتقان الذي يتخذه في ظل الحكم السوفياتي المطلق.
وعلى أساس هذا الاستقرار في النظام الشيوعي في روسيا كان خبراء الانجلوسكسون يعتقدون بأن برامج (البوليت بيرو)(والكومنفورم) الشيوعية الدولية لبلشفة العالم كهدف أساسي جوهري لتدعيم الشيوعية في روسيا والدول الشيوعية الأخرى - هذا البرنامج لا يزال موضوع العمل عند السوفيات، وعلى هذا الأساس، فلا صحة لادعاء الماركسيين الأخير بأن الشيوعية والرأسمالية والنظم الأخرى تستطيع أن تعيش بسلام في عالم واحد.
والحقيقة التي يشير إليها هؤلاء الخبراء (ومنهم بوهلن مستشار وزارة الخارجية الأمريكية) هي أن جوهر الفلسفة الماركسية يصر على أن لا حياة للدول والشعوب الشيوعية المبدأ والنظام في عالم فيه شعوب ودول لا تدين بهذا المبدأ. وهذا الإصرار الماركسي يستند إلى