كتابه (وقعة صفين) لنصر وجزأه إلى أقسام جعل كل قسم في الموضع الذي يليق به من الخطبة أو الإشارة. وقد أدخل في كتابه في الواقع كتباً أخرى من الكتب التي ألفت قبله ولا مجال للبحث عنها في هذا المكان.
وقد دفعني البحث الذي أقوم به الوقت الحاضر عن المصادر التي أخذ منها الطبري في تاريخه المعروف لمجلة المجمع العلمي العراقي على مراجعة كتاب (وقعة صفين) في جملة كتب كثيرة رجعت إليها فكان تحقيق الأستاذ السيد عبد السلام محمد هارون محقق هذا الكتاب الذي طبع عام ١٣٦٥ للهجرة في القاهرة هو الحافز لي على الكتابة في هذا الموضوع.
والحق أن الأستاذ قد أجهد نفسه وبذل عناية تستحق التقدير في إخراج هذا المؤلف الثمين، وقد وضع لرجال السند ولأشخاص الرواة تراجم مختصرة تناسب المقام وزينه بفهارس أحيت الكتاب، وهو عمل متعب لا يعرف مشقته إلا المساكين الذين دفعهم القدر إلى الاشتغال بالتحقيق في بلاد تقيم للتحقيق العلمي وزناً ولا تضع له أية قيمة.
وقد حملني إعجابي بالإخراج على إبداء بعض الملاحظات البسيطة التي جاءت في المقدمة. من ذلك قول المحقق (طبع هذا الكتاب لأول مرة على الحجر في إيران سنة ١٣٠١ وهذه الطبعة نادرة الوجود عزيزة المنال حتى أنها لم تدخل خزائن دار الكتب المصرية إلا منذ عهد قريب، وهي نسخة مروية تقع في ثمانية أجزاء في صدر كل منها سند الرواية التي تنتهي إلى نصر بن مزاحم وهذه لأجزاء الثمانية في ٣٠٥ صفحة. . . الخ. . .).
وقد تحدث السيد عبد السلام محمد هارون عن حالة الكتاب في مصر؛ أما في العراق فهو موجود يباع عند الوراقين بثمن زهيد وكنت أود أن يشير إلى ما ذكره المستشرق (بروكلمن) عنه في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية) فعندي أنه يستحسن من كل محقق أو مؤرخ الإطلاع على ما جاء عن الكتب وأصحابها وان كان البحث لا يخلو من أوهام في بعض الأوقات. فقد أشار (بروكلمن) إليه وذكر أنه طبع سنة ١٣٠١ (١٨٨٤) بمدينة طهران طبعه (فرج الله الكاشاني). وكنت أود أن يشير إلى ذلك اعترافاً بخدمة من سبقنا من الباحثين. والظاهر أن الأستاذ لم يراجع كتاب هذا المستشرق وإلا كان في مقدمة من