عبارة عن دراسة الموجود من حيث هو كذلك، فضلاً عن أن الطبيعة الحقة للوجود تتجلى فيما هو دائم لا فيما هو زائل.
وإليك مثل من الشرق العربي، عالم مسلم مشبوب العاطفة الدينية، ذلك هو الجرجاني، بطل التعريفات، يعرف الفلسفة بأنها (التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية). فيأتي تعريفه خير معبر عن نزعته الفكرية فكيف ننتظر منه أن يكون تعريفاً للفلسفة في ذاتها؟!
وإذا كان معنى الفلسفة يختلف من فرد إلى آخر فهو يختلف كذلك من عصر إلى آخر. كان في القرون الوسطى العلم الذي يصل إليه العقل بطريق النظر الفكري الصرف في مقابلة العلم الإلهي الذي يصل إليه الإنسان بطريق الوحي.
وهكذا صار معنى الفلسفة العلم العقلي المنظم. وفي العصور الحديثة تدل كلمة فلسفة على مجموعة العلوم النظرية التي تستند إلى النظر العقلي الصرف في مقابلة مجموعة العلوم المستندة إلى الملاحظة والتجربة.
ناهيك بشتى التعريفات التي تنكر الفلسفة وتزدري الفلاسفة يطلقها نفر من المتزمتين الحرفيين في تدينهم، يصدرون في تعريفهم لها عن تهيب من العقل وخشية على إيمانهم السطحي من عمق التأمل العقلي؛ أو يتفكه بها قوم من المازحين الجهلاء يصدرون في تعريفهم لها عن العداء لما يجهلون: فمن تعريف لها بالفكر والزندقة، إلى القول بأنها تعقيد البسيط، إلى اتهامها بتهمة الثرثرة والقدرة على الحديث حين ينبغي وحين لا ينبغي، أو قوة الحجة في مجال الحق أو مجال الباطل على حد سواء.
فقد اتضح إذن بعد هذا العرض السريع أن لا سبيل إلى الوقوف على حقيقة الفلسفة من تعريفاتها، كما أنه لا سبيل إلى حقيقة المرء من بطاقته، أو الكتاب من عنوانه. وإن نم التعريف عن أمر ما، فعن اتجاه صاحبه العقلي أو نظريته الفلسفية أو شعوره نحو النهج الفلسفي منكراً كان أو مؤيداً.
المنهج الفلسفي
إن تعريف الفلسفة قد يوهم القاريء أنها مجرد علم من العلوم، ابتدأه أو ابتدعه ذلك النفر من الحكماء، وتعاون على إقامته وتطوره أجيال الفلاسفة؛ في حين أن الحقيقة التي تخفى