هذا (مبحث ألقي في المجمع العلمي المصري في جلسة علنية في السابع عشر من شهر مايو سنة ١٩٤٨). وهو معجم يحتوي على اصطلاحات فرنسية في فن التصوير عدتها تسعة وثلاثون ومائة جمعها الدكتور بشر ورتبها على حروف المعجم الإفرنجي وترجمها هو، فصارت مرجعاً فيماً للباحث والكاتب والقارئ، ثم أخذ يوضح مدلولات الألفاظ العربية المقابلة للتعبير الفرنسي (وقصر الكلام هنا على الكلمات التي هي من ثمرة بحثه وعدتها خمس ومائة).
وخشي المؤلف أن يعثر المطلع في معجمه على لفظة خشنة، أو اصطلاح جاف، فاستدرك يقول:(وتراني في أثناء النقل أتقرب ما استطعت من اللغة الجارية عندنا لهذا الزمن، متلفتاً إليها، أو مستشهداً، خشية أن تتسع الفجوة بين الذوق السائد واللفظ المستنبط فيموت وليداً).
ولقد كتب الدكتور بشر تصديراً لهذا البحث جاء فيه:(على أن أحداً لا يشك في أن لغتنا الكريمة وإن زخرت بالألفاظ وعلت بالتعبيرات لتقصر اليوم عن الأداء الإفرنجي في صنوف الفنون والصناعات. وكأني بك ترى اضطراباً واختلافاً في أكثر ما يقع عليه بصرك. لذلك بدا لي أن أهيأ طائفة من الاصطلاحات الدائرة في باب التصوير وما يجري مجراه، عسى أن تستقيم أداة التأليف، وتندفع آلة النقل. . .).
هذا هو رأي الدكتور في اللغة العربية، فهو يراها قاصرة عن الأداء الإفرنجي في صنوف الفنون والصناعات. وأنا لا أوافقه في ما ذهب إليه، فإن لغتنا الكريمة لم تضق يوماً بعلوم اليونان حين بدأت النهضة العلمية الإسلامية، وحين ازدادت نشاطاً وقوة في العصر العباسي، فراح العرب - إذ ذاك - ينقلون علوم الفلسفة والطب والفلك والرياضيات، فنقلوا - في سنوات - مئات من أمهات الكتب في الفنون المختلفة. ولم تعجز عن أن تقتحم باب العلوم الرياضية حين نقل (محمد بن موسى الخوارزمي) أرقام الحساب عن الهنود وأدخلها في العربية، وحين وضع (الصفر الحسابي) فحل بذلك أكبر معضلة رياضية في العالم، وحين وضع جداول اللوغارتيمات وهي ما تزال تحمل اسمه حتى اليوم فهو يعرف عند