أسلوبه السحر من وحي النخيل الباسق على ضفاف النيل! بعد هذا يقول كوكتو إنه زاد دار الآثار العربية ورأى فيها أشياء عظيمة رائعة، ولكن طريقة عرضها خاطئة. . . إنها مكدسة كما لو كانت في مخزن!
هذه الآراء الناضجة يبديها فنان ناضج، يملك من رهافة الذوق وعمق الخبرة وطول المران ما يعنيه على النظر الثاقب، والحكم الصائب، والتقدير الممتاز. . . إن كل ما نطلبه من كتابنا القصصيين، ومخرجينا السينمائيين، والمشرفين على صناعة الفلم المصري، هو أن يتدبروا هذه الكلمات لأن الذي ينطق بها هو جان كوكتو لا الأستاذ يوسف وهبي! وما نطلبه من هؤلاء نطلبه من أولئك الذين يقومون بأمر دار الآثار العربية، وحسبهم أن الذي يوجههم إلى الأصول الفنية في عرض تحفنا وآثارنا هو جان كوكتو أيضاً لا الدكتور زكي محمد حسن!
أما الشيء الذي نطلبه من الكاتب الفرنسي فهو أن يكون صادقاً في إصغائه لكلمات أبي الهول، أميناً في نقل حديثه ونجواه. . . إن أبا الهول لا يمكن أن يتجنى على وطنه، لأنه عاصر تاريخه، وأشرف على حضارته، وبارك منذ خمسة آلاف عام مجده الخالد؛ إننا في انتظار كتاب جان كوكتو لننظر فيما إذا كان قد استمع لكلمات محدثه أم انقاد لنزوات هواه!
جولة في معرض الفن الإيطالي:
هذا المعرض الممتاز إقامته بسراي الخديوي إسماعيل بثكنات قصر النيل جمعية محبي الفنون بالقاهرة، بالاشتراك مع متحف بينالي بمدينة البندقية بإيطاليا. . . ولقد ساهم في إعداده كثير من المتاحف وقاعات العرض العامة بميلانو وفلورنسا والبندقية وبليزانس وتريستا، وأصحاب المجموعات الخاصة؛ أما المدارس الفنية التي يمثلها هذا العدد الكبير من اللوحات التصويرية الرائعة، فموزعة بين النيوكلاسيكية والرومانتيكية والواقعية والذاتية والسريالية.
سأقدم إليك مما شاهدت بعض لوحات ممتازة إذ يضيق النطاق عن التحدث عن كثير. . . اللوحة الأولى (أولاد الأمير والأميرة تروبتسكوي) للفنان الرومانتيكي الملهم دانيال رانزوني. ستلمس في هذه اللوحة عبقرية التلوين والتظليل. . . إن رانزوني ينقلك بظلاله وألوانه إلى آفاق وافنشي وموريللو ويوسان، ولكنه يختلف عنهم في ظاهرة الميل بفنه إلى