الأكبر المعجز!
ولعل قصيدة (الحرمان) التي أهداها الشاعر إلى صديقه الدكتور أبي شادي، الذي ناضل وجاهد، وأحس بمرارة الحرمان في الشعر العربي الحديث. اسمعه يقول:
أعبد الحسن زها في كوكب ... أجتليه صامتاً لم أعرب
وهل لم يشعر بإحساسي وبي. . .! ... خاطر من حسنه في موكب
مشرق مَن نوره المنسكب ... فائض الكأس شهي المشرب. .!
ولا أستطيع التعليق على هذه اللوحة الفنية البارعة، لأن كل محاولة تبذل في هذا السبيل إنما تشوه من جمالها وتخدش من ملاحتها، واستمع إليه حيث يقول:
كلما جئتُ بمعنى مُعْرب ... عن هوى قلب ولوع متعب
فرَّتْ الألفاظ حيرى تختبي ... فهي كالشمعة في عين الأبي
وهي كالفكرة في ذهن الصبي. .! ... وهي كالفتنة في قلب النبي. .!
والواقع أن الشاعر الذي تفر منه (الألفاظ) وهو يبحث عنها جاهداً ساعة الاحتشاد للنظم هو وحده الذي يستطيع أن يدرك جمال الحيرة وجلال اللوعة الممثلين في هذه الأبيات المعربة غاية الإعراب عن القلق والحرمان.
أما أغنية (القبلة) فهي من أرق المقطوعات الغنائية التي طالعتها أخيراً، وهي جديرة بأن تلحن وتغنى فتطعم أغانينا بطراز راق من الفكر الممتاز والمعنى المستطاب، ويا حبذا قوله منها:
أغرودة في السكون ... يطوي بريق العيون
فيها، فتور الجفونْ
لو ردَّدتها الشفاهْ
في لثمها. بادليني!
والصيرفي في قصيدته (اجعلني حُلماً) شاعر متصوف حالم رقيق اللفظ نقي الصور، ويا ما أبرعه حيث يقول:
اجعليني حلماً يطوف ويسرى ... من قلوب الورى إلى شفتيك
اجعليني حلماً لذيذاً شهياَ ... مثلما يحلم الفقير بملك