للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اجعليني حلماً كما أنت حلمي ... فأريك الحياة من غير إفك

بلبلات الخميل تنقل عني ... شعر قلب نقلته أنا عنك

كذلك يبلغ الصيرفي المدى في الإجادة في قصيدته (الأفق) حيث يقول:

أنت كالأفق إذا حاولت أن ... أبلغ الغاية منه بعدا

تعبت عيناي في إدراكه ... وشكت رجلاي فيه الجددا

أشهد الأسرار فيه تختفي ... كالأغاني في تضاعيف الصدى

فإذا حاولت أن أكشفها ... صرت سراً طيها قد خلدا

ليتني أفق! فلا أتعب من ... يرتجي الأفق وقربت المدى.!

كذلك يبلغ الصيرفي أقصى غايات الإبداع في قصائده العاطفية الصادقة (تنهداتي) و (القائد المدحور) و (وحدة العمر)، وهذه الأخيرة مقطوعة من الشعر التجريبي المشوب بالفلسفة الهادئة الرزينة، على الرغم مما تنطوي عليه من مرارة وسخرية كما في قوله:

تعال فربما جاوزت داري ... فتجربني الحياة إلى قراري

فأمشي بين أضواء النهار ... إلى ليلى ويهزأ بي انتظاري.!!

وشد ما أعجبت (بنشيد الثورة) الذي نظمه الشاعر في نوفمبر عام ١٩٣٥ وكم يكون رائعاً ومفيداً لو وجد هذا النشيد عناية من ملحني العصر البارزين، ولا أحب أن أقبس منه هنا، فيحسن الرجوع إليه في جملة الديوان، لأن النقل منه يشوه جماله.

ولقد لاحظت في شعر (الشروق) ظاهرة (جديدة) هي ميل الشاعر إلى الإكثار من الحديث عن (الصمت) و (السكون) ففي قصيدة (إلى المعبد) يقول:

(والصمت) يغمره ويفني ذاته ... ولقد يكون (الصمت) خير تعبد

ويقول في القصيدة نفسها:

طال الوقوف به فأعيا (صمته) ... هل تنفع النجوى بباب موصد؟

ويقول في قصيدة (ساعة اللقاء):

ساكن الأرض (صامت) في حنين ... لنشيد مرجع من سمائك

وفي (خمرة الفن) يقول:

ما أعجب (الصمت) أعياني وأنطقني! ... فهل يحرك هذا (الصمت) منشده؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>