بها أسلافنا من المرابطين والموحدين على شكل أوسع وأعظم مما يفتخر به قواد المستعمرين من الإيطاليين والفرنسيين. ولكننا اليوم مضطرون أن نأخذ من الغرب وأن نتتبع خطواته، وأن ندرس هذه الحملات ونقلدها حتى أساليب القتال على أراضينا وأوطننا.
بعد مضي سبعين عاماً على حملة فرنسا التي ساقتها على الجزائر أي في سنة ١٩٠٠ احتلت القوات الفرنسية المقيمة في جنوب الجزائر واحة عين صلاح، وكان هذا الاحتلال بمثابة فتح جديد قابله العالم بدهشة زائدة ذلك لأن فرنسا فاجأت العالم بإنشاء قوة عسكرية جديدة للبادية يرجع الفضل في تدريبها وتهيئتها إلى المأجور لابرين فهذه القوه أشار إليها جراتزياني في كتابه عن إخضاع ليبيا وقال إن إيطاليا أدخلت هذا النظام لديها وزادت عليه فتولى قيادة رجال البادية الدوق داوستي الذي أخذ هذا العمل بجد ولا أزال أذكر حديثه عن الأيام التي قضاها وسط الصحراء وكيف أنه كان يعبر عن حنينه الدائم وهو في أربا عن أيامه في تلك البقاع.
والتكلم عن قوات البادية وتنظيمها لا بد أن يذكر العمل الذي قام به المأجور جلوب باشا المسمى بأبي حنبك في بادية الشام، فهذه وإن كانت بعيدة عن فزان إلا أنها نوع من أعمال الأوربيين يستحق اهتمام أولي الأمر وتفكيرهم.
ماذا نستخلص من محاضرة فزان:
أولا: اهتمام الدول الأوربية بالصحراء الأفريقية مما يتطلب ضرورة التعجيل بإنشاء معهد الصحراء لدراسة مستقبل الصحاري في بلادنا وفي القارة الأفريقية وفي أسيا خصوصاً جزيرة العرب.
ثانياً: اهتمام الدول الاستعمارية بطرق المواصلات عبر الصحراء وهي مواصلات برية وهوائية.
فالأولى ستعود بنا إلى طرق القوافل القديمة فعلينا أن نستعد من الآن على دراسة هذه الطرق ورسمها على الخرائط ثم العمل على إعادتها واكتشاف مواقع المياه فيها، أما الطرق الهوائية فأول واجب يحتم علينا إنشاء مطارات حديثة في مناطق الواحات المصرية حتى تكون دائماً على استعداد للمساهمة مع الآخرين في تعمير الصحراء.