للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترى!).

وناديت سعادة البك ليشاطرنا الحديث فجاء فقلت له: (إذا قال لك الوزير إنني لا أملك أمر تعيينك عضوا في مجلس الشيوخ، ولا أستطيع أن أحدث دولة الرئيس بذلك، لأنك لم تكن يوما سياسيا من ذوي الرأي والمبدأ والعقيدة، ولم تكن عضوا في حزبه).

قال: (آه، نعم. لقد فاتني هذا الرأي، ولكن إذن أطلب إليه أن أكون مديرا عاما لإدارة كذا).

قلت: (وأنت رجل لا عهد لك بما تتطلبه هذه الإدارة من أعباء، وهي إدارة فنية، ثم إن هذه وظيفة تحط من قدر رجل عظيم مثلك).

قال: (فماذا أفعل؟)

قلت: (إذن لا معدى لك عن أمر واحد، هو أن تكون مديرا لمكتب معالي الوزير).

قال في غضب: (أي خساسة وأي ضعة! لقد جئت أرجو الرجل - وهو لا يعرفني - فتلقاني في بشر واحترام، أفأسعى - بعد ذلك - لأنتزع كرسيه؟ لا، لا. لن يكون ذلك أبدا!)

قلت: (هذا مكانك أنت، فستلقى هنا عظماء الدولة يرجون رضاك، ويتملقون كبرياءك، وينحنون لك، وستكون أنت - إلى ذلك - صاحب الرأي لدى معالي الوزير، وكاتم سره، ورفيق نفسه).

قال: (لا، لا. لن يكون ذلك أبدا!)

قلت: (وماذا عليك والمدير نفسه راض، لا يجد غضاضة في أن ينزل لك عن كرسيه؟)

قال: (أفيرضى هو؟ فلنسأله. . .)

وبدا للمدير ما أحاول من عبث ومزاج، وراقه ما أفعل، فأراد أن يسري عن نفسه بعض عنت العمل، فقال في مكر: (نعم، أنا راض على شريطة واحدة).

فأجابه البك في لهفة: (وما هي؟)

قال المدير: (أن تسعى لدى معالي الباشا لأكون مديرا للإدارة التي ذكرت).

قال: (لا بأس، فهذا أمر سهل بسيط).

ثم خلا البك إلى قلمه يديره على القرطاس مرات ومرات فلا يهتدي. وأعجزه أن يكتب كلمة واحدة فناداني لكي أعينه على أمره وقد حزبه، قال (تعال، يا أستاذ، أرني كيف تكتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>