للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتستغيث طارقة باب النجدة للانعتاق من الأسر. . .

والمرأة التي تتخذونها لكم رفيقة ليست لكم أيضاً فستظل إلى الأبد لغزاً لا يدرك سره، وكيف يملك المجهول؟ وهؤلاء الأطفال الذين تلدونهم قطرات دم كثيفة من سهام (كوبيد) تجمدت وتجسدت وأطلقها (كوبيد) لتلعب في فنائكم. . . وهذه الحدائق ليست حدائقكم ففي أشجارها الألوف من الخلق الذي تقمصوا وتجلوا أزهاراً وثماراً. . . لا، إنكم لا تملكون شيئاً أنتم وملوككم. . الملك لله. . . هو وحده المالك. . .

وسألوه عن الصمت والكلام فقال:

الصمت هو الأصل، وقد خلق الإنسان ليفكر ويتأمل ويحلم. . . إن ما يحيط به من الأسرار والأعاجيب في السماء والأرض يوقفهم وقف المعجب الثمل المشدود المأخوذ بالعظائم والروائع لا تترك مجالا ً لكلمة يقولها. . .

إن الحيرة والإعجاب والوجد والذهول والانجذاب تخرس الألسنة وساحة الحياة أضيق من أن تسع قصور الخيال والتأمل والأحلام فأين فيها مكان الكلام؟ ألا ترونه الدخيل يحشر نفسه في صفوف الحياة حشراً ويتطفل على مائدتها؟ الصمت وشاح تتشح به النجوى والتقوى ويتورع به التصوف والإيمان وعليه يقوم بيت الله. . . الصمت يجمع نفوسكم والكلام يفرقها. . . إن الآفاق كلها بنيراتها وشموسها ومجراتها صامتة فكيف تتكلمون؟؟

ودنا منه فيلسوف وسأله عن الكلمات وقوتها وطنينها فقال:

إن الصور والرسوم التي تعرضها لكم الحياة لا تبدو لكم على حقيقتها فأنتم تلبسونها بكلماتكم الأثواب التي يحلو لكم أن تنسجونها. . . إن الكلمات التي تستقونها من معاجمكم هي التي تسيركم، الكلمات الضخمة القوية الطنانة التي تجعل من النسيم عاطفة ومن الشرارة ناراً تحرق الغابة، ومن الشيء التافه شيئاً يتضخم ويعلوا حتى يملأ الجو والساحة. .

قد يكون ما ترونه مظلماً فتطلقون عليه كلمة تشع فتصبح في نظركم منيراً. . . إن كلماتكم منافخ تنفخ الروح في الأموات ومطافئ تطفئ الحياة في الأحياء. . . كلها من نسيجكم وإبركم تضيق وتتسع بإرادتكم وأوهامكم ومعاجمكم. . . إن الفقر لا يحمل الجراحات التي تتخذونها ولكن كلماتكم فيه حملته المدى والطعنات القاتلة، والغنى ليس الطريق إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>