حمراء مبرقشة بنقط سوداء، وهي أشبه شكلا بحشرة (الجعران) وهذه الحشرة اسمها وإذا ما أسرها الإنسان ووضعها على كفه مثلا أو فوق سطح مستو، فإنها تستلقي على ظهرها وتقبض أرجلها ولا تبدي أي حركة أو علامة للحياة، وإذا ما تركتها وشأنها استعادت حيويتها وأطلقت أنفاسها ثم ولت هاربة طلباً للنجاة. وهذه طريقة دفاعية مدهشة حقاً قد يحسدها عليها الإنسان في بعض الأحيان كما أن هنالك بعض الحيوانات من ذوات الثدي أشبه بالفار الصغير واسمه لأنه لا يأكل شيئاً إلا إذا غمسه وغسله في الماء، ويسميه الأنجلوسكسون النوع من ذوات الثدي يلجأ إلى نفس الحيلة ويشترك مع الحشرة المذكورة في هذه الغريزة، ولكنه يستعملها طريقة للهجوم على صغار الطيور.
نشأة الغريزة:
يقول عالم الحشرات الفرنسي (فابر) بأن الغريزة تولد كاملة منذ وجود الحيوان وعليه فهي ليست في حاجة إلى صقل وتهذيب مستشهداً بما أجراه من تجارب في مجموعة من حشرات الفراش والزنابير؛ غير أن الكثير من العلماء نذكر منهم (بول مارشال) لا يرى رأي (فابر) إذ يقول (مارشال) بأن بعض إناث الزنابير وإن كانت حقيقة كما شاهد (فابر) بأنها تلسع الفريسة لسعة من غير أن تميتها ثم تتركها لصغارها لتأكل منها طعاماً شهياً يقيم الأولاد ويسد الرمق بعكس ما إذا كانت الإناث تميت فريستها وتتركها جثة هامدة، إذ يكون الطعام في هذه الحالة أقل إثارة للشهية وأضعف قيمة غذائية، كما أن هذه الغريزة عند إناث الزنابير والتي تبدو لأول وهلة وليدة عقل مدبر؛ إلا أنه يظن أن الإناث لم تصل إلى هذا الحد من الإتقان إلا بعد مرور أزمان سحيقة خلال تطورها ونشوئها.
كذلك العالم البيولوجي الإنجليزي (بريد) يعتبر الغريزة ناقصة في أول نشأة الحيوان تتطور وتنمو بنموه. مثال ذلك ما نشاهده في صغار الدجاج إذ هي لا تجيد في حداثتها عملية (التنقير) الأزمة لقوتها، فتراها تخطيء كثيراً حين تنقر الحبوب إذ لا تصل إلى هدفها إلا بعد محاولات ثم تزداد مهارة شيئاً فشيئاً خلال نموها.
ويوافق (بريد)(فرلين)؛ إذ هو أيضاً يؤمن بتطور الغريزة؛ إذ شاهد أن إناث بعض الطيور لا تتقن بناء الأوكار في حداثتها ولا تصل إلى حد الإجادة إلا بعد أن تبلغ من عمرها حداً يؤهلها لذلك.