للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه هي فرنسا ظهر فيها فولتير وروسو (باسم حماة العدل، ورافعي الظلم، ودعاة الحرية بإنارة الفكر، وهداية العقول).

وبدأ راهبا (الحرية) هذان ينشران مبادئهما التي تتلخص في تسفيه الأنبياء وإنكارهم الألوهية بزعم أنها خرافات. وان الدين الحق هو دين الطبيعة الحرة، والمعبود الحق هو الشهوة. . .

وبذلك حدثت المآسي الخلقية التي يذكرها التاريخ خجلاً، والتي رأينا صورة منها في اعترافات روسو نفسه.

وعلى أثر تسمم الناس في هذه الآراء قامت الثورة المعروفة على أنقاض الدين.

وهذه هي الروسيا لم تتمكن فيها مبادئ ماركس من الوجود إلا على أساس الشيوعية الإباحية التي أعقبتها الثورة على الدين والنظم السياسية والاجتماعية والقضاء على ذلك كله.

والأمثلة تفوق الحصر ولكن ليس هذا محلها: إنما اقتصرت على مثالين حديثين يذكرهم ويعرف تفاصيلهما كل منا، وإن التأريخ اجمع من أوله إلى آخره هو حجتي وبرهاني على صدق الأرقام التي ذكرت: فما من صاحب مذهب الحادي إلا وله قصد غير الإلحاد في ذاته.

أما في الأمم التي لم تنضج ثقافتها فإني أصدق أن فيها من يلحدون إخلاصاً للإلحاد ذاته أو لأن الإلحاد قال به ديكارت أو فلان من الناس، أو للاشتهار بالمخالفة. . .

ويعلم الله أنهم - على حسب مقاييس سادتهم الغربيين - لا يفهمون من معاني هذه الألفاظ التي يتشدقون بها غير أسمائهم، وأن التقليد الجاهل فيما يضر ولا يفيد - إن دل على شيء - فليس إلا على أحط دركات الانحطاط الخلقي والعلمي أما الذين يدعون إلى الشك بدعوى العلم قد قال به في يوم من الأيام، فلست أدري إن كانوا يفهمون حقاً ديكارت ذاك، هل شك ديكارت في الأديان وفي العلوم وفي التأريخ لأنه قديم وكفى؟ وهل كان يصل إلى نتيجة لو أنه قدر وحدث هذا؟ آخره آ

ومهما يكن فيا ليت هؤلاء فعلوا ما فعل ديكارت؛ إذن لكنا جنينا من ورائهم خيراً كثيراً كما جنت العلوم بل والأديان من نهج ديكارت هذا الذي يضللون به السذج ممن لم يعرفوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>