للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مجلس ولده المعتمد:

أيها المنحط عني مجلسا ... وله في النفس أعلى مجلس

بفؤادي لك حب يقتضي ... أن تُرى تُحمل فوق الأرؤس

ولذا لا نعجب أن يجيبه ابن زيدون فيصفه بأنه ملك مالك بالبررق الأنفس.

كما كان يحب أن يأخذ الأمور بالرفق واللين، ويدل على ذلك شعره الذي أرسل به إلى ابن عمار عقب نزوع هذا إلى أن يستأثر بمرسية:

متى تلقني تلق الذي قد بلوته ... صفوحاً عن الجاني، رءوفاً على الصحب

كان شعر المعتمد أميراً وملكاً يفيض بالبهجة، ويغمر بالسرور، حتى إذا ما قلب الدهر له ظهر المجن، فهاجمه يوسف بن تاشفين حليفه بالأمس، انقلبت تلك الحياة الراضية حياة بؤس وشقاء. ولعل من أوائل الكوارث التي نزلت به وفاة ولديه اللذين كانا على قرطبة ورندة عندما أغار عليهما جيش يوسف، وهنا يبدأ عهد المحنة ويفيض شعره الباكي الحزين، حتى إذا تم أسره مضى الشعر يروي احساساته الحزينة، وآلامه الدفينة، وذكرياته المؤلمة، وخواطره القائمة، كما سنرى.

- ٣ -

كان الغزل أهم أغراض شعر المعتمد في عهد الإمارة والملك، وهو غزل حقيقي تحدث فيه عن عواطفه في حال الرضا والغضب والقرب والبعد؛ وأظهر ما فيه أنه غير وقف على واحدة بل هن جوار وزوجات عرفنا منهن جوهرة، وسحر، ووداد، وأم الربيع، وزوجه اعتماد، يقول في الأولى منهن:

سرورنا دونكمُ ناقص ... والطيب، لا صاف ولا خالص

والسعد إن طالعنا نجمه ... وغبت فهو الآفل الناكص

سموك بالجوهر مظلومة ... مثلك لا يدركه غائص

ويقول في الثانية:

عفا الله عن (سحر) على كل حالة ... ولا حوسبت عما بها أنا واجد

أسحرُ، ظلمت النفس واخترت فرقتي ... فجمعت أحزاني، وهن شوارد

وكانت شجوني باقترابك نزحا ... فها هن لما أن نأيت شواهد

<<  <  ج:
ص:  >  >>