ولله ما أجمل تلك العبارة الرائعة التي تنسب لفيلسوف من أجدادنا الفراعين زعموا أنها وجدت منقوشة على هرم في هيكل إيزيس بـ (صا الحجر) وهي: (أنا كل شيء كان، وكل شيء كائن، وكل شيء سيكون. ومحال على من يفنى أن يزيل النقاب الذي تنقب به من لا يفنى). ولكن العلم بنفس التواضع وبنفس الدقة وبرغم كثرة مشاغله استطاع أن ينير لنا الكثير من معالم الطريق، وأن يقول كلمة الفصل التي ينتظرها منه العالم بفارغ صبر.
فأثبتت جميع تجاربه على طول الخط وجود قوة مدبرة مسيطرة هي الله، بل ذهب إلى أكثر من هذا فأثبت كذلك أنه تعالى قيوم ونزهه سبحانه عن الزمنية والمكانية. كما أثبت له صفات الكمال ونفى عنه كل صفة نقص. ذكر ذلك العلامة الفلكي النابغ السير جيمس جينز في مؤلفاته ولا سيما في كتابيه - وكذلك ذكره غيره من مشاهير العلماء الأفذاذ.
وليس ببعيد ذلك اليوم الذي نعني فيه الدين حينما ننطق بكلمة العلم كما تنبأ بذلك أستاذنا العلامة الورع الدكتور محمد أحمد الغمراوي أستاذ الكيمياء بكلية الطب.
العلم والدين: وهل هنالك لذة أسمى من لذة المعرفة؟ وهل هنالك سعادة أكمل من سعادة الاطمئنان؟ (الدين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب)(أولم يتفكروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء. وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، فبأي حديث بعده يؤمنون؟)
سمعاً وطاعة! لقد تفكرنا وتحققنا فآمنا ولم يبق إلا أن نفرغ من مشاغلنا المتعددة فنكمل إيماننا بالعمل.
هذا ما أجاب به العلم الحديث بعد طول تأمل وتدبر.
وإن هذا التفكير العلمي المتأمل في نظام الكون أنطق شيخ الإلحاد الفرنسي فولتير في أخريات حياته بقوله:(إنه لا توجد ساعة بدون ساعاتي يصنعها):
أما الدين فمعروف أمره وليس هذا مجال البحث فيه. وأما العلم فأي شيء لديه؟ وحبذا لو قمنا بسياحة إلى أرضه الطيبة فإن هذا يعود علينا بخير كثير. إلا أن عقولنا المتزنة، وحياتنا المثقلة بالمواعيد، وأعصابنا الرقيقة المرهفة، كلها دواع تستلزم الاقتصاد في الزمن، وتجعل من العسير إن لم يكن من المستحيل علينا أن نحتمل حصر الأرقام، أو