الأشياء ستنتهي بجعل أوربا آلة عاملة من النوع الذي يفترضونه، وأنها ستوفر إمكانيات تستطيع بواسطتها هذه القارة أن تزيد نفوسها زيادة تتجاوز مساحة أراضيها، إلا أنها مع ذلك ستكون النتائج مؤلمة إيلاما كبيرا، إذ إن الحقيقة التي لا يصح نكرانها تتطلب أن يقوم كل إقليم، حسب إمكانياته الطبيعية وقدرته على خلق الثروة، للإنتاج لنفسه فما العمل إذن عندما تبدأ أمريكا - بمقتضى هذه الظاهرة - بسحب حبوبها من أوربا لتكفي نفسها، وحين تصبح المنتجات الزراعية غير الأوربية كافية لسد النقص الذي تحس به؟ لاشك إنه سيبدو حينذاك بأن الفوائد الوقتية سيبدو حين ذاك بأن الفوائد الوقتية المتحصلة من زيادة نسب الثروة والسكان قد كلفت غالياً ودفعت إلى مقاساة لفترة طويلة عامرة بالآلام والمتاعب.
ومع أن الثورة الصناعية قد وقت أوربا من أخطار ازدياد السكان، إلا أنها لم تعدل تعديلا أساسيا تحدي مالتوس، ولذلك فإنه حين ابتدأت حركات الموازنة اتخذت الأسلوب الذي دعا إليه - اطراد هبوط معدل الولادات - ولو أنها لم تتشكل بالشكل الذي تنبأ به. فإن معدل الزواج ظل في منطقة واحدة مرتفعا - في الروسيا - أما شعوب المدنية الغربية فقد تجنبت أزمات السكان بالإشراف على الولادات عن طريق وسائل التحديات العائلية. فإذا ما قلنا بأنه قد تخلل عصر نمو السكان هبوط معدل الوفيات فيجب أن نعترف بأن هبوط معدل الولادات قد كان جزرا مضادا.
فقد كان واضحا منذ عام١٨٥٠ بأن معدل الولادات قد هبط في فرنسا والولايات المتحدة وايرلندا، كما كانت الدلائل تدل على أن الزيادة الهائلة التي طرأت على الولادات في أمريكا قد ابتدأت في الهبوط ثانية منذ الإحصاء الأول عام ١٧٩٠. فبين عام ١٨٤٧ وعام ١٩١٤ هبط معدل الولادات في فرنسا من ٢٧ في الألف إلى ١٩، وهبط خلال الحرب العالمية الأولى إلى ١١ في الألف ثم استأنف بعد ذلك الهبوط بعد ارتفاع وقتي. وقد اشتد هذا الهبوط، مع بعض التغيير حيناً، أو مع عدمه في حين آخر، في العصر الذي يسمى عصر الزواج، ويعزى سبب هذا الاشتداد إلى تحديد الولادات داخل العائلة، إذ المعروف أن عمليات تقليص حجم العائلة قد استمرت في فرنسا، ثم انتشرت من هذه البلاد إلى شعوب أوربا الغربية.
وأما في إنجلترا فإن معدل الولادات قد وصل إلى درجة عالية عام ١٨٥٠، إلا إنه من عام