١٨٨٠ أخذ يعاني هبوطا مستمرا. وفي خلال فترة قصيرة أمدها ستون سنة (بين ١٨٧٠ و١٩٣٠) هبط هذا المعدل من ٣٥ في الألف إلى ١٥. وقد كان لهذا الهبوط أثر كبير على الحياة الإنجليزية.
فكيف إذن فشل مالتوس في التنبؤ بإمكانية هذا التقلص في حجم العائلة الذي يعتبر أعظم إنقلاب في شؤون السكان في العالم الحديث؟ لقد ظهر لأغلب المفكرين الأحرار بأن مالتوس كان يخدم جبهتين مختلفتين: جبهة المستغلين، وجبهة ذوي السلطة. واكتشف العالم الألماني هانس ميوهوف بأن أعمال مالتوس قد تأثرت بدفاعه عن التقاليد، كما أن العالم جيمس فيلد قد وصل بعد دراسة دقيقة إلى نتيجة أثبت فيها بأن مالتوس كان مطلعاً على الدعاية الموجهة لتحديد الولادات في زمانه، ولذلك عارض بقوة كل تدبير طبيعي لتحديد حجم العائلة.
ولعل هذا الدفاع عن التقاليد الاردذوكسية - والذي دفع علماء السكان إلى أن يسموا صاحبه (البارسون مالتوس) قد جعل من منافسيه من أمثال فرانسيس بلاس وريشارد كارليك وروبرت ديل والدكتور جارلس نولتن أقدر منه في معالجة الفروض العلمية
إن الضرورات تقتضي - حسب نظرية مالتوس - أن يكون الزوج قادر على إعالة زوجة وستة أطفال، أما علماء السكان في الوقت الحاضر فيقولون إن إنجاب العائلة ثلاثة أطفال يكفي لاستقرار السكان، بينما يؤدي إنجاب كل عائلة ستة أطفال إلى مضاعفة السكان من جيل إلى جيل. وليس هناك من يشك في إخلاص مالتوس في دفاعه عن الضابط المعنوي، ولكننا يجب أن نشير في مقابل ذلك إلى أن الكتاب والمصلحين في أيامه قرروا ما يقرره اليوم كثير من رجال الدين وعلماء التشريح وقادة الاجتماع بأنه إذا ما أراد المجتمع أن يجعل من الاتصال الجنسي قيمة سامية؛ فالزواج المبكر خير معوان على ذلك.
ويبدو أن تاريخ الشعب الايرلندي خير تصوير محزن لفرضية مالتوس، وهو الشعب الذي كانت المجاعة أكبر آفة أصابته؛ ففي سنة ١٦١٠ ابتدأ السير والتر رالية بزرع بذور البطاطس المستوردة من أمريكا في مزرعته، وبعد مضي جيلين أصبحت البطاطس الغذاء الرئيسي في ايرلندا. وكان الفرد يزود بهذا المصدر الغذائي الجديد، فيتزوج شاباً ثم ينمو بسرعة. ولذلك أخذ عدد السكان يتضاعف ابتداء من عام ١٨٤٩ إلى أن بلغ هذا التضاعف