ورأت دور النشر في هذا القرار ما يهددها في أرحب مجال لعملها وخاصة في هذا الوقت الذي قل فيه الإقبال على الكتب وتعذر إصدارها إلى الخارج. فشكت إلى الوزارة ما ينالها من جرائه وما يؤدي إليه من تعطيل عمالها، وشاركها في ذلك المؤلفون إذا رأوا أن كل كسبهم من تأليفهم ينحصر في المكافأة الضئيلة الهزيلة التي تمنحها الوزارة لهم، وقد قرر بعضهم الامتناع عن التأليف المدرسي مادامت هذه الحال.
ومما لاشك فيه أن امتناع المؤلفين الممتازين عن التأليف وقيام غيرهم به ممن يرضى بالقليل يؤدي إلى ضعف التأليف للمدارس وانحطاط مستواه. وقد تولى وزارة المعارف معالي الأستاذ علي أيوب، وتلك الحال قائمة، وقد تلقى شكايات واستمع إلى وجهات نظر مختلفة. والأمر - في كل ما يتعلق بالكتب مدرسية أو أدبية عامة - بين يدي معاليه قيد البحث والنظر، ولا شك أن روح القاضي التي يعالج بها معاليه أمور وزارة المعارف منذ وليها، يبعث الطمأنينة في نفوس المهتمين بالأمر وذوي الغيرة على الصالح العام.
اليوم خمر:
هي حياة امرئ القيس، وهي تتلخص في هاتين الكلمتين (اليوم) و (خمر) فقد كان يعيش في يومه عيشاً كله خمر، فلم يعبأ بالغد ولم يجدَّ فيما نازعته، إليه نفسه أحياناً من أمر، فهو يلهو بالشرب والصيد ومغازلة الحسان، حتى إذا قتل أبوه وبلغه نعيه وهو عاكف على لهوه لم يثنه ذلك عن شرابه ولعبه وأعلن أن (اليوم خمر وغداً أمر) فإذا نال من قتلة أبيه بعض الشيء أعلن فك الحظر واستأنف يومه وخمره، وأعرض عن غده، وأعياه أمره. وتعرض له فكرة الرحلة إلى القسطنطينية للاستعانة بقيصر على استعادة ملك أبيه، فيحزم أمره على الرحلة عندما يعلم ما في القسطنطينية من خمر معتقة ومن فيها من حسان فاتنات. وهناك يستبدل حانة ميخايلوس بدارة جلجل، وأين عذارى الغدير من لا ريسكا ومينورقا وابنة القيصر؟
تلك هي حياة الأمير الشاعر امرئ القيس بن حجر الكندي كما صورها الأستاذ محمود تيمور بك في مسرحيته الجديدة (اليوم خمر) وقد عنى فيها بتصوير الصراع في نفس امرئ القيس بين حياة اللهو والمرح وبين المجد المؤثل، ويغوص الأستاذ في طوايا هذه