للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاشتد صاحبه في الجدال، واحتد في الحوار، قائلاً: (أيها المدعون المبطلون، والمجادلون الجاهلون، إنكم تعطلون نصف الأمة أو أكثر، وتحرمونه الإبانة عن رأيه، والإعراب عن حجته في المجالس النيابية، والتمثيل لا يصح حتى يمثل كثرة الأمة ويُبين عن آرائها، فكل أمة لا تشارك نساؤها في الانتخاب والنيابة، لا يصح تمثيلها، ولا يجوز في الحق تصرفها. . . هذه حجة دامغة، فكيف تحتالون لدفعها؟)

قال له صاحبه: قلت آنفاً إن على النساء تنشئة الأجيال وتربيتها، فآراؤهن منبثة في نفوس الرجال والنساء، ممثلة فيها، وأقول الآن: إن مدار تمثيل الأمة على أن يكون لكل مذاهبها وآرائها من يتكلم بها ويجادل عنها في مجالس النيابة. التمثيل صحيح ما تحقق هذا الشرط، فإن عمدت أمة إلى تقليل مشاغل الانتخاب بتقليل عدد الناخبين بأية وسيلة دون إجحاف بطائفة بعينها، أو تمييز جماعة على أخرى. كان الناخبون ممثلين لآراء الأمة، وصح التمثيل، ولم يضر هذا التقليل.

هب أنك أخذت دفاتر الانتخاب في بلد فحذفت نصفها بالاقتراع، ألا يكون النصف الباقي ممثلاً أفكار هذه البلد ونزعاته؟ أتقول إن مذهباً أو رأياً فقد أصحابه بهذا الاقتراع، إن انتصر للرأي ستون من مائة، أو ثلاثون من خمسين، أو خمسة عشر من خمسة وعشرين، لم تختلف النتيجة، ولم تتغير النسبة.

وليس النساء طائفة، أو طبقة في الأمة، ولكنهن شريكات في كل أسرة وفي كل جماعة، فإن أعفت أمة نساءها من مشاغل الانتخاب تمكيناً لهن مما هو أولى بهن، وتنزيهاً عن معارك السياسة ومطاعن الانتخاب، لم يخل هذا بتمثيل الأمة، ولم ينقص من كرامة المرأة.

فسخر صاحبه بهذا الرأي وشرع يجادل فيه، فصاح به: لقد ضاق الوقت، لا تجادل، سأدع كل حجة إلا حجة واحدة، وأتجنب كل القضايا إلا قضية فذة، فإن أجبتم عنها، وخلصتم من سلطانها، كان بيننا وبينكم ما شئتم من جدال.

إني أقول لمن يطلب الانتخاب للنساء، أتطلب هذا عن رضاً من النساء أو كره، أتكرههن على الانتخاب، أو تأخذ برأيهن فيه قبولاً ورداً؟

إن فيصل الأمر بيننا وبينكم أن تبدءوا فتعرفوا آراء النساء في قضيتهن هذه، أيُردن الانتخاب أم يأبينه، أيحرصن عليه أم يزهدن فيه؟ فاستفتوا النساء قبل أن تطلبوا لهن،

<<  <  ج:
ص:  >  >>