وإن لحديثها لطلاوة، وبين يديها فتياتها الثلاث وإن فيهن الدلال والجمال وفيهن السحر والجاذبية. وأخذت العجوز اليهودية تتلو رقى السحر حواليك وتتقرب إليك ثم تنشر عليك شباك التمويه والمداهنة لا تهن عزيمتها ولا تفتر قوتها. واستطاعت - بعد لأي - أن تجذبك إلى المائدة الخضراء لتسرق مالك؛ واستطاعت - بعد جهد - أن تسقيك الكأس الأولى لتسرق عقلك. وهكذا خطوت أول خطوة في سبيل الانهيار العقلي والانهيار الاجتماعي، ولكن عقلك المغلق لم يتوضح الطريق فما شعرت بقدمك وهي تنزلق إلى الهاوية. لقد غطى على عينيك ستار من لذاذات كنت تحسها وأنت تطوي لياليك بين فتيات النزل تصغي إلى حديثهن وتنتشى بخمرهن وتشاركهن اللعب والمزاح والعبث، تتودد إليهن وهن يتملقنك فبدأت تهوى إلى أسفل وهن من ورائك يدفعنك إلى الهاوية والأم العجوز - من ورائهن - توسوس بأمر وتسعى إلى غاية. وراقتك الحياة الجديدة وفتنك زخرفها فاندفعت لا تجد رادعاً من دين ولا وازعاً من خلق على رغم أنك تخسر مالك وتقتل وقتك. لقد أسرك القمار والخمر وخلبك الجمال والإغراء فما عدت ترى أنك أنت
ألآن - يا صاحبي - رضيت بأن تصبح سجيناً في قفص من ذهب، وأغلق باب القفص من دونك حين تزوجت من أصغر فتيات المنزل، وهي فتاة عابثة لعوب ريقة الشباب غضة الإهاب، ذات دل آسر وجمال خلاب، وتراءى لك أن الفتاة قد مسحت بيدها الرقيقة البضة على أحزانك، وآست بحديثها الجذاب جراحك العميقة، وبدا لك أنك أمسيت روح هذه الدار وريحانها، وأنك أصبحت فتاها المرموق وسيدها المدلل فاطمأنت نفسك وهدأت نوازعك. ثم أردت أن تحول بين المنزل وبين زواره من كل جنس - وهم كثر - فما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وأوحت إليك زوجك الأجنبية بأن تتخذا داراً غير هذه تكون عش الغرام ومنزل السعادة ومهبط الأمان، فانطلقتما معاً تهيئان داراً صغيرة فيها البساطة والأناقة وفيها النظام والترتيب وفيها الهدوء والاستقرار. ثم دفعتك الفتاة إلى السينما وإلى المسرح وإلى الندىّ، ورافقتك إلى الملهى وصحبتك إلى المرقص، وأنست بصحابك تأخذ منهم وتعطي، وأقبلت أنت على رفاقها في بشر وإيناس
وهكذا - يا صاحبي - وجدت في زوجك الأجنبية ما افتقدته في زوجك المصرية، وحدثتك نفسك قائلة: (لا ضير فهذه الفتاة تستطيع أن تمهد لك السبيل الوعر وتفتح أمامك الباب